العدد 57 من مجلة الدرب العربي الصادرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي قطر موريتانيا
انطلاق التشاور / الحوار.
رضي الشعب بالسلامة ..!
انطلق التشاور / الحوار بين ” أحزاب السلطة ” من فئة (ا) و أحزاب السلطة من فئة (ب) ؛ و هو التشاور / الحوار الذي لم يكترث به شعبنا و كأنه حوار يجري في مكان آخر من العالم. ليس هناك اهتمام و لا تعليق من الأساط الشعبية على ما جرى ؛ لأن الشعب سبق أن اختبر أكثر من حوار و أكثر من تشاور بين نخبه السياسية التي تهيم بكل واد بحثا عن مصالحها ؛ فتارة باسم ” الوحدة الوطنية” و طورا باسم ” النضال عن لحراطين” و مرة باسم ” التناوب السلمي على السلطة ” و حينا عن ” الحكامة الرشيدة ” و أحيانا كثيرة عن ترسيخ الديموقراطية … و اللجنة المستقلة للانتخابات… و حكومات الوحدة الوطنية. و في كل مرة تنفض هذه الحوارات و التشاورات عن لا شيء !
و الحقيقة أن كل عنوان من هذه العناوين الحزبية و كل شخصية من تلك الشخصيات تبحث عن مصالح و تلتزم بالباب الذي ” رزقت منه “. فمثلا، هناك سياسيون اهتدوا إلى أقصر طريق لابتزاز السلطة، منذ معاوية، هو ” الوحدة الوطنية” و كما أن الجهات المسؤولة عن مكافحة الجراد تتطير بالسنة التي لا يزحف فيها الجراد على جهات وطننا كافة ؛ لأن ذلك سيقلل من ميزانياتها ، فكذلك هؤلاء السياسيون لا يتمنون نجاحا لأي نظام في حل الإشكالات التي خلقت تصدعا في هذه الوحدة ؛ و هم بالدوام يطرحون هذا المشكل، بمناسبة و بغير مناسبة، ذلك أن برنامجهم السياسي و الدعائي يقتصر على عدم ترك هذا الملف ينتهي على أي نحو. فتوتر الأوضاع على بعد الوحدة الوطنية يجب أن يستمر ، و إلم يوجد سبب لاستمراره ، فيجب خلقه، كما قال نزار قباني :
الحب في الأرض بعض من تصورنا.. لو لم نجده عليها لاخترعناه..
و قس على ذلك مسألة العبودية و بقية الملفات الأخرى، فهي أبواب للحضور في المشهد ، و هي منصات لخلق فرص النفوذ و النفاذ إلى هذا البلد المقسم كعكة، كل ينهشه بحسب مضاء أسنانه و مناسبة موقعه…
و معلوم أن هؤلاء و أولئك، سواء في “أحزاب السلطة ” أو ” السلطة ” في أحزاب المعارضة، لا يمكن أن يعول عليهم الشعب الموريتاني في أي شيء ؛ فقد جربهم، و وقف على مصداقيتهم في حوارات و تشاورات سابقة. و يكفي الشعب الموريتاني، تفاؤلا، أن ينفض هذا التشاور / الحوار عند حدود سابقيه، بلا نفع و لا ضر، يعني ألا يضيف مخاطر سياسية جديدة و تصدعات أعمق في وحدته الوطنية على ما راكم من مشاكل و إشكالات خلقها السياسيون أنفسهم، و ألا تتفاقم أوضاعه الاقتصادية و المعيشية في ظل وفاق ناتج هذا التشار / الحوار بين هذه الأطراف…
الأيام الجهوية للتشاور حول إصلاح النظام التعليمي .
نظمت وزارة التهذيب وإصلاح النظام التعليمي في الفترة ما بين ٢١_٢٤/١٠/٢٠٢١ أياما جهوية للتشاور حول إصلاح النظام التعليمي،شارك فيها مايقارب الألف مشارك ،وقد أنشأت، بالتزامن مع ذلك، منصة افتراضية حول نفس الموضوع زاد عدد المشاركين من خلالها على ثمانين ألف مشارك .
وتهدف هذه الأيام إلى إصلاح منظومتنا التربوية المنهارة ،وعلاج الاختلالات الكبرى فيها لانتشال ما تبقى منها .
كما تهدف إلى طرح حجر الأساس لمدرستنا الجمهورية .
ومعروف أن النظام التعليمي في القطر عانى من التخبط القاتل والمدمر والأعمى قادت إليه الإصلاحات التربوية المتعاقبة بدءا بإصلاح ١٩٥٧ مرورا بإصلاح١٩٦٧ الذي أدخل ساعتين من اللغة العربية في المرحلة الثانوية وأثار حفيظة المكون الوطني الزنجي؛ فكانت أحداث 1967 المؤلمة .
ثم تبعه إصلاحي ١٩٧٣-١٩٧٩وهذا الأخير قاد إلى إنتاج “جيلين” غير متواصلين نظرا لإزدواجية مرتجلة غير مبررة ، وأخيرا إصلاح ١٩٩٩ الذي فرضه الممولون ،والذي لايزال ساري المفعول… وتتدحرج مخرجاته من سيء إلى أسوأ.
وقد كانت السمة البارزة لهذه الإصلاحات تغييب اللغة العربية، لغة أكثرية الشعب و لغة القرآن الكريم و الحديث الشريف، ولغة العلم و الثقافة و الأدب و المراسلات لجميع الموريتانيين قبل قدوم المستعمر الفرنسي اللعين، مطلع القرن الماضي .
كما غيبت الغات الوطنية من بولار و سوننكى و ولف، و أغلق معهد تطوير هذه اللغات فجأة، دون معرفة أسباب ذلك، اللهم الرغبة في طمس كل ما له علاقة بالوطنية.
وظلت اللغة الفرنسية لغة للإدارة والعمل حتى مع ترسيم اللغة العربية لغة وطنية رسمية.
وفرض إصلاح ١٩٩٩،سيئ الصيت، تدريس مواد العلوم الدقيقة بالفرنسية ،إرضاء للممولين وضمانات لاستمرار تبعيتنا لفرنسا ،وخدمة لمصالح حفنة من الأطر الفرنكوفونية ،التي ترى في تدريس اللغة العربية واعتمادها لغة العمل والإدارة إضرارا بها .
فدفع الإصلاح إلى مزيد من التردي وضعف المستوى ؛ الأمر الذي كشفت عنه مخرجات هذا الإصلاح ،حيث تدنت المستويات وانخفضت نسبة النجاح في الشهادات الوطنية إلى حد غير مسبوق ٧ في المئة.
واليوم يؤكد هذا التشاور الجهوي بغالبية مشاركين ضرورة :
– الاسراع بتدريس المواد العلمية باللغة العربية؛_
– اعتماد اللغة العربية لغة جامعة ولغة العمل و الإدارة ،وتلقي التعليم بها في جميع مراحل التعليم؛
– إدماج اللغات الوطنية في التعليم وتطويرها؛
– تحسين الظروف المادية والمعنوية للمدرس و المؤطر؛
– تجهيز وتوسيع البنية التحتية للقطاع ؛
– إصلاح المناهج وتحسينها وعصرنتها وملاءمة مخرجاتها مع سوق العمل الوطني ؛
– الإجماع على أن تطبيق مخرجات هذه الأيام وتوصياتها لا يكون إلا بوجود إرادة سياسية عليا جادة؛ فهل يكون رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني رجلها؟ .. أم أن زوائد الافرنكفونية وأعداء هذا الشعب سيعملون على وأدها قبل أن ترى النور كما فعلوا في كل مرة؟
أوقفوا جنون الأسعار .. قبل فوات الأوان!!
الضجة التي أثارتها بعض الكتابات العنصرية بوصف اللغة العربية بالأجنبية في موريتانيا ليست جديدة ثم هي لا تحمل قيمة مضافة في أي مستوى من مستويات الرأي الوطني. إنها قديمة تتجدد في كل مرحلة يترأى فيها لأصحابها ضعف النظام السياسي في البلد ؛ و لا أمل في لجم أصحابها إلا بالحسم و الحزم في طبيق الدستور و تفعيل مادته السادسة في الإدارة و مرافق الدولة، على نحو يقطع الطريق على هذا التحدي الدستوري و يضع حدا للتميع، حيال هوية البلد، الذي هو الأصل في كل هذا الضعف الذي نعاني منه على المستويين البنيوي و الأدائي لمنظومة الدولة، منذ الاستقلال.
هناك أمر أولى بالاهتمام الآن و أوشك خطرا من تصريحات عنصري هنا أو كتابة تبيع لفرنسا هناك، إنه جنون أسعار المواد الضرورية للحياة التي يتهدد خطرها “سلطة الجماعة الحاكمة ” و يتهدد معها استقرار المجمتع. إنه جنون مذهل حقا في الأسعار تشهده جميع المواد التي لا غنى للإنسان عنها، و لا يوجد ما يبرره سوى غياب الدولة و وصول التراخي حده الأقصى لدى مسؤوليها إزاء مراقبة ما يصدر من قرارت بهذا الصدد و تخليهم المطلق عن التجار الجشعين يفعلون ما يشاءون بلقمة عيش المواطنين !
إن قاعدة الترابط بين أي نظام و أي شعب ، في أول الأمر، تقوم على توفير معايش الناس و جعلها في متناول قدراتهم الشرائية. و ما يبدو لنا اليوم أن النظام في حالة إغماء أو لا مبالاة وصلت حدا لا يمكن استمرار تحمله…
إن هذا الارتفاع الجنوني، و غير المسبوق في درجته و تسيبه جراء غياب أي دور للدولة في لجمه لا يمكن أن يفسر بشيء آخر سوى أمرين : إما أن المسؤولين في قطاع التجارة متواطئين مع التجار على إفشال ما يصدر من قرارات بشأن تخفيف وطأة هذه الأسعار على المواطنين، مع ما يعنيه ذلك من عدم الخشية من الحساب، أي من ردة فعل الرئيس الذي انتخبه الشعب .
و إما أن المسؤولين على قطاع التجارة لا يتمتعون بالأهلية و لا يحملون معنى المسؤولية ؛ و بالتالي لا يقدرون على فعل شيء و لا يكترثون بمعاناة هذا الشعب ، الذي يوشك أن يدخل قريبا في مجاعة في العاصمة السياسية ؛ فما بالكم بمن يعيشون منه في البوادي و القرى و المدن الداخلية . إن أسعار اللحوم الحمراء و اللحوم البيضاء تكاد تخرج اليوم من الوجبة الموريتانية لفرط ارتفاع أسعارها و ما تتخبط فيه من فوضى و تسيب… كما أن مواد ضرورية أخرى كزيوت الطعام و الفاصوليا، التي يلجأ إليها كثير من مواطنينا في غياب اللحوم، فضلا عن الخضروات لم تعد في متناول إلا فئة قليلة من المواطنين. إن استمرار هذه الأسعار منفلة بهذه الطريقة في بلد يعيش أكثر من ثلثيه في فقر مدقع ينذر بانفجار وشيك و فجائي ، ما لم تقم السلطة على جناح السرعة بالتدخل لتنظيم هذه الأسعار ، و دعمها في المواد التي لا غنى عنها، و إلّا فإن الأمور ستخرج عن السيطرة نحو ” المجهول “؛ لأن الأسعار هي مرتكز استقرار الشعوب عموما، في مختلف أنحاء العالم…
بين البعث .. و حزب البعث !!
في هذا الظرف الملتبس فكريا و المتميز بسهولة الانحراف و التمكين للضعفاء ، و هو أمر طبيعي بالنسبة لحزب رسالي عظيم تتحالف عليه الأمم و الدول و القوى المعادية لمنعه من الوصول لأهدافه العظيمة في استعادة الأمة العربية لسابق وحدتها و استئنافها للعب دورها الحضاري بين الأمم و الشعوب الفاعلة في التاريخ، في هكذا ظروف، ستعيد الدرب العربي دراسة متميزة أعدها منذ سنوات أحد قادة البعث عن ” القائد المؤسس بين البعث و حزب البعث ” و ستكون هذه الدراسة القيمة في سلسلة حلقات نبدأها بحلقة أولى في هذا العدد ، حتى ننعش ذاكرة رفاقنا الذين تلوثت أذهانهم بعادة العمل السياسوي، اللا خلقي في كثير من محطاته، خلال العقود الفارطة و ابتعدوا كل الابتعاد ، مع اختلاف في درجة الابتعاد، عن البعث و روحه و أهدافه و جوهر رسالته، فأصبحوا ينظرون للبعث كسياسة و أساليب احتيال و مناورات مع السلطة و مع الجماهير و الشركاء، و ما أدى إليه هذا ” التلوث المبدئي ” من انحراف نحو توظيف الحزب و رصيده التاريخي من النضال في سبيل التكسب المادي و الارتزاق بالمواقف و التحالفات …
( الحلقة 1)
لم تقتصر البدايات الأولى للقائد المؤسس ميشل عفلق رحمه الله و اهتماماته على التركيز على الطابع السياسي الحزبي ، و إنما كانت ذات طابع فكري و أدبي… لذلك لم يبدأ نشاطه الاجتماعي بتأسيس حزب سياسي ، و إنما بدأ ببلورة مشروع فكري و حضاري أنتجته معاناته و حواره مع الأفكار السائدة في أوساط الجمعيات و المنتديات الفكرية و الثقافية النخبوية في دمشق و باريس في عقد الثلاثينيا . كان تطلعه إلى أن يكون أكثر من مجرد كاتب أو أديب لامع برغم أنه كانت لديه موهبة أدبية في كتابة القصة و الشعر. لذلك كانت معركته الأولى تتمثل في حسم العلاقة بين الثقافة و السياسة حيث كان الفهم السائد حينذاك ينظر إلى المثقف كونه الشخص المترفع عن السياسة بكل ما كانت تحفل به من خبث و مؤامرات و دسائس . فشرع في طرح مفهوم جديد للثقافة و المثقف بحيث ترتبط الثقافة بالحياة و واقع المجتمع و تطلعاته ، و أحدث ثورة أخرى في مفهوم السياسية بحيث ترتبط بالأخلاق و الترفع و قيم الرسالة. فجاءت المرحلة التي دشنتها حركة نصرة العراق عام 1941 . و بعد أن ترك مهنة التدريس في 1942، و نذر نفسه لمشروع حضاري كبير تبلور في ذهنه … بعد معاناة كبيرة ، أعقبها بتكوينه فرق الجهاد الوطني لمقاومة العدوان الفرنسي، بعد تأسيس حركة الإحياء العربي ، وصولا إلى تأسيس الحزب ؛ و كان في كل ذلك القائد المبادر… ( يتواصل )
معاناة البلديات الريفية..
( رواية قروي )
حين تخيم وتتلبد في الآفاق غيوم الفساد الإداري و المالى ، تنهد الجبال وتتدهور الأراضي مخلفة وراءها بؤر البؤس، فتتجلى أمامك وسط السراب المتحرك قرى مترامية في ثنيات الرمال ،تطفوا تارة وتختفي أخرى كلما تدانيت منها تضاءلت أمامك لشدةالمعاناة التي تكابدها .!
إنها التجمعات السكانية العشوائية المكتنزة بالآف من النسمات المتجانسة في السلوك الإجتماعي وصدإ البشرة التي أبلاها الحر ودفنتها الرمال و أذبلها الجفاف يسمونها” مجازا” بلديات ريفية لأنها لا تتوفرعلى الماء الصالح للشرب ولا على الإنارة العمومية ولا الصحة العمومية، ولا المدارس ولا الطرقات المعبدة ولا
حتى على الأسواق بفهموها الحديث … ولا على الطرق السالكة بين بعضها ؛ كما يغيب عنها التخطيط العمراني مطلقا. أما الساحات الخضراء والحمامات المنزلية فهي من باب الأحلام!
لا شيء يجسد سلطات الدولة اللهم عند نشوب صراع قبلي -ربما على بئر معطلة -أو زيارة وفد للإطلاع على سير مراحل مشروع وهمي، لمدرسة مثلا، قد تزول بزوال العلة أو قد تنسفها الرياح قبل أن يجف عرق بناتها لهشاشة البنيان.
إنها مناطق من وطننا الحبيب تقل فيها جهود التنمية عن الطموحات الدنيا، وتزداد الإحتياجات بسبب عدم ملاءمة الظروف المعيشية ويعتمد أغلب سكانها على التنمية الحيوانية، وعلى زراعة لا تلبي حد الكفاف تطبعها البدواة في الأساليب وتهالك الآليات ورداءة المدخلات عموما وهشاشة السياج إن وجد.
ساكنة هذه القرى قاسمهم المشترك هو الهشاشة في أغرب صورها ،فلا يقدرون على الصمود ومقاومة التغيرات المناخية ، والضغوط الموسمية فيتهشمون إبان كل استحقاق انتخابي أشتاتا. وجعلتهم سيول الوعود التي ينثرها في أوساطهم المنتخبون لايثقون في أحد!
منبع الأمل عندهم بعد رحمة الله، هو التساقطات المطرية- على محدوديتها هذا الموسم -وما ينتج عنها من غطاء نباتي عشبي إذا سلم من الحرائق التى بطشت في الآونة الأخيرة بمساحات شاسعة جعلتهم على وشك جفاف طالما تمنوا الخلاص منه.
ويشكون سوء حالهم دائما سرا وعلانية إلى السلطات ولكل زائر،ويبعثون الصوتيات المثقلة بأناتهم عبر وسائط التواصل الإحتماعي.وكل ما يتطلبونه ينحصر في أمرين،
أولهما:أن تشاركهم السلطات الرأي حين التخطيط لمشاريع تستهدف قراهم ، ثم لا تبخل عليهم بالمشاركة في تنفيذها، لأنهم أهل مكة وبشعابها أدرى.مما يجعلم يشعرون بأن هذه التدخلات التى يسمعون عنها ويشاهدون أحيانا- فتثلج صدورهم لمجرد ذكر قرية بأنها مستهدفة-بأنها لهم فيحافظون عليها بعد تنفيذها ذلك لأنهم واكبوها فعرفوا أهميتها قبل البدء في تنفيذها وشاركوا في خطوات التنفيذ،وأنها آلت إليهم لا إلى الزوال. وقبل كل ذلك أن تقوم السلطات بإعداد المشاريع الأكثر أولوية بالنسبة لساكنة هذه القرى.
ثانيهما:أن تتكفل الحكومة ممثلة في أجهزتها اللا مركزية بتكوين اليد العاملة المتخصصة في هذه القرى،حسب أولويات هذه الساكنة حتى يكونوا أكثر استجابة للمعايير الفنية المطلوبة في تنفيذ تدخلات مشاريع التنمية المحلية.
أما التدخلات التنموية العشوائية فقد سئموها ويطلقون عليها(مشاريع الصدفة أو ضربة الحظ )حيث يروون في بعض ما يتندرون به أن بعض المشايع يشرع في تنفيذها وقد توشك على النهاية ،فيأتي الإشعار من السلطات بتوقيفها وترحيلها فورا لأن تحديد المكان كان مغلوطا وتبقى على حالها دون اكتمالها في المكان الخطإ ، ولا يعود ممكنا ترحيلها إلى الوجهة الصحيحة، بيد أنها تبقى على حالها؛ فلا تخلو من زيارات دورية يؤديها وزير أو منسق مشروع أو أي مسؤول إداري آخر للإطلاع على وضعها، فيتساءل القرويون : ترى هل سيرحل هذا المشروع إلى مكان آخر ؟ أم سيظل على حاله عنوانا لمهمات حكومية تتطلب وجود تبرير لصرف اموال عمومية عليها!؟
وعلى جنبات الزيارة يتاهمس القرويون بإعجابهم بأحداث اركيز الأخيرة …
مايهم الفقراء
النوعية الوزن السعر
1-الأرز المحلى كغ 300
2-الأرز بسمتي كغ 600
3-الزيت ل 750
4-السكر كغ 280
5-الحليب( وطنية ) 300
6-الحليب( روز) 300
7-سليا (إنكو) كغ 2000
8-حليب (قلوريا) 130
9-البطاطا كغ 250
10-البصل 250
11-الطماطم 250
12-الجزر 250
13-لحم غنم 2500
14-لحم عجل 2000
15-لحم إبل 2200
16- سمك (جي) 1000
17- سمك (كيبارو) 1200
18-الدجاج 800
19-مكرونة (مدينة) 500
20-مكرونة(أطلس) 400
إصلاح التعليم لن يتم بأيدي من يفيدهم فساده.
تنظم وزارة التهذيب وإصلاح التعليم هذه الأيام ورشات تشاورية ، أو هكذا أطلقت عليها، يفترض منها أن تغربل مشاكل التعليم وتخرج بنتائج تفضي إلى معرفة أماكن الخلل بغية تصحيحها.
ومنذ أعلن عن نية الوزارة تنظيم هذه الورشات والرأي العام يترقب الحدث على أعصابه مؤملا فيه إخراج البلاد من وضعية تردي منظومتها التربوية ، غير أن هذا الرأي العام وخاصة المباشر منه للتعليم تفوجأ عندما رأى نفس الأوجه التي أفسدت التعليم منذ1999 هي التي تتصدر المشهد في ورشات يؤمل منها إصلاحه في 2021!!.
والملفت في هذه الورشات ليس انتقاء الوزارة للأوجه الشائبة في إفساد التعليم وحده، بل الأدهى من هذا والأمر هو اشتراط هذه الأوجه منع أي مدرس لم تتلطخ يداه بإفساد التعليم من المشاركة في ورشات إصلاحه مخافة أن تظهر أصوات رافضة للطبخة التي سيقومون بها، وذلك لعلمهم بارتفاع نسبة هذه الأصوات في صفوف الرأي العام الوطني.
تجدر الإشارة إلى أن القوى الفرانكو- فونية هي التي أفسدت التعليم منذ إجرائها (إصلاح99) الذي صنع جيلا يكاد يكون أميا نتيجة إجباره على تعلم المواد العلمية بلغة بعيدة عن متناول فهمه لتلك المواد المعقدة الفهم باللغة الأم أحرى بلغة أجنبية. وهذه القوى استطاعت اليوم أن تحشر ورشات التعليم في ذاتها وبعضا ممن يجهلون كل شيء عن التعليم لأن عهدهم به، في أحسن الأحوال ،يعود إلى المستوى الابتدائي؛ يتعلق الأمر بالعمد وعناصر من المجتمع المدني غير متعلمة سوى طرق التحصيل المادي،فضلا عن الوجهاء القبليين خاصة في الولايات الداخلية.
ولا شك أن هذه القوى ترمي من وراء سيطرتها على التعليم إلى ضرب عصفورين بحجر واحد: فهي على الصعيد الحضاري عميلة لفرنسا وتريد التمكين للغتها التي تكابر بها الأمم وتمنحها مقوم العظمة بين الحضارت لأنها تفرض ثقافتها على جل بلدان إفريقيا حتى موريتانيا التي هي جمهورية إسلامية لديها لغة تغنيها عن تدريس شتى العلوم بأي لغة أخرى.
أما على الصعيد النفعي فإن هذه القوى تريد فرض لغة فرنسا على المجالات الحيوية في التعليم لأن لديها من الوسائل ما يمنحها قدرة تدريس أبنائها في أرقى المدارس الفرنسية ليتخرجوا قادرين على العمل بها في شتى المجالات مما يعطيهم (الحق) في تصدر الوظائف المفيدة في الدولة. وذلك لن يحصل إلا بتجهيل غالبية أبناء الشعب بفرض لغة أجنبية على تعليمهم.
منها تظهر المعضلة الكبرى التي تعيق إصلاح التعليم في موريتانيا لأنه في كل مرة تثار هذه المشكلة وتقدم للنقاش بغية إيجاد حل لها تتصدر ذلك النقاش نفس الأوجه التي أفسدته وما زالت تفسده؛ وليس من الممكن أن يتم إصلاح التعليم بأيدي من يفيدهم فساده؟!، ولن يتم ذلك ما دامت الدولة باقية عليهم كأشخاص محوريين في كل إصلاح.
والمثير للتعجب أن كل سلطة اعنلت حكم البلاد يصلها خبر هؤلاء الأشخاص ونهجهم ومع ذلك تبقى على تمكينهم كلما حاولت إصلاح أي قطاع من قطاعات الدولة وهم في كل مرة يتقدمون أول من يدير لها الظهر عند أول وهلة تمرد مضمون التخلص منها!!.
اركيز .. أنصفوا المظلومين !
أظهرت أحداث ( اركيز) الأخيرة خللا كبيرا في مختلف النواحي الإدارية و التسيير ية و التنظيمية وحتى الأمنية على مستوى المقاطعة … فهؤلاء السكان الذين عانوا كثيرا من ظلم و بطش و تسلط المسؤولين الإداريين في مختلف المؤسسات الحكومية ، و يئسوا من إيجاد قناة توصيل م أمينث ترفع آهاتهم و صرخاتهم التي ملأت الآفاق. لم يجدوا إلا آذانا صما و ” مسؤولين “بكما لا يتمتعون بأهلية و لا يتقيدون بضمير ؛ قابعين في مكاتبهم بمقاطعة اركيز مع من فرضهم نظام اجتماعي تقليدي في إنتخابات مزعومة ؛ و هي في الحقيقة ليست سوى لعبة توازنات قبلية يتم من خلالها تقديم المرشحين من التكتل القبلي الاكثر عددا. فقد يكون المرشح نفسه عازفا عن الترشح ولكن نظام القبلية و امتياز ” خيمة أبيه ” تاريخيا تفرض عليه التقدم للانتخابات حتى لا يتخلف عن المستوى المادي لأبناء العوائل الكبيرة ، و حتى لا يغيب عن محفل الكبراء ممن هم في مستواه الاجتماعي … الخ ، مما ينتج عنه أداء ضعيف ،باهت أو معدوم الجدوائية. هذا هو واقع الحال في ما يطلق عليه منتخبي اركيز. .
لم يكن سكان مقاطعة اركيز يوما إلا من أعلى سكان البلد حسا وطنيا و احتراما لمؤسسات الدولة و قوانينها و نظمها و أكثر من ذلك مساهمة في البناء الوطني والذود عن أرضه. فاركيز هي أول بقعة من بلدنا الغالي رفضت أن تدوسها أقدام الغزاة الفرنسيين ، من خلال أول معركة معه على أرض الوطن و هي معركة ( ابيظ الم ) ..
و بالعودة لموضوع أحداث الغضب الشعبي ، فإننا نقر حقيقة بوقوع خسائر للأسف في الممتلكات العمومية و الخاصة ؛ و هو أمر مدان و مستغرب من سكان اركيز خاصة أن يلجأوا لذلك الأسلوب المستهجن .. غير أنه بالاطلاع على حجم الظلم الذي لحق بساكنة المدينة، فإنه يبطل العجب … فالمعروف عن الساكنة أنها تحملت العطش و سوء خدمة الكهرباء و الخدمات الأخرى لسنوات ، كما أن الشباب في تظاهراتهم اعتمدوا دائما أسلوب التظاهر السلمي، في مناسبات سابقة .. و السؤال المطروح لماذا الإمعان في ظلم الساكنة و إهانتها حتى يُجروا إلى هذه المرحلة من الإيذاء و المعاناة ؟ لما ذا لم يستوجب المسؤولون المحليون عن الأسباب التي أدت إلى هذه الدرجة من الغضب حتى أوقعت المواطن المسالم في هذا الخطأ ? لماذا تهمل الدولة التحقيق في مسؤولية هؤلاء المسؤولين فيما حدث ؟ لن نتكلم عن قضية أمام القضاء … ما أريد ان أقوله هو ضرورة التوازن في الإجراءات المُتخذة ! فهؤلاء المسؤولون الذين تبين للسلطات مدى التقصير الخطير الذي ارتكبوه في حق ساكنة اركيز و أقرت به يجب محاسبتهم.. و يجب تغليظ العقوبة عليهم في هذا الجرم الكبير الذي اقترفوه ؟ .. هل يكفي فقط كنس الطاولة ، و تحويلهم الى جهات أخري من الوطن ليلعبوا فيها ألاعيبهم القذرة، كما فعلوا بسكان اركيز ! لا أظن ذلك مناسبا و لا مفيدا في المستقبل ؛ بل على السلطات أن تعي أن شعار مكافحة الفساد لا ينبغي أن يبقى ” استراتيجية” مستمرة على الورق مع نظام السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني .. و إن الفساد بلغ أقصي مداه في مقاطعة اركيز ! فكيف نأخذ المطلوم المُتظلِم الذي أخرجته شدة الظلم و المعاناة عن جادة الصواب لتظهر منه مسلكيات غير مألوفة و نترك من تسبب له في هذه الظاهرة طليقا يترقى في المناصب الحكومية ..
فقليلا من الإنصافا لأهل اركيز و أبنائهم السجناء ، عملا بمبدأ مكافحة الفساد، و ذلك لن يكون إلا بتوقيف كل المسؤولين في المقاطعة و إداعهم السجن و تقديمهم للمساءلة القضائية عن التقصير في تبليغ شكاوي أهل اركيز للجهات العليا؛ و خاصة الاستهتار بالاستجابة لمطالبهم ؟ .. و تماديهم في فسادهم و تبذير المال العام هدرا عن طريق التربح و الاتجار … الخ .
علي العموم، إذا لم تستفد السلطة من الآخطاء الفادحة لموظفيها باعتماد مبدأ العقوبة و المكافأة و الانسلاخ من مغازلة النظام التقليدي القبلي الذي أفشل كل الأنظمة و الدولة نفسها ، فلن نتقدم او نحقق اي هدف … و سيتكرر ما حدث في اركيز في مناطق أخرى لأن الظلم لا يحتمل للأبد، و الظالمين لا أفق في وضع حد لظلمهم…
دور الإعلام فى نجاح الثورات … و إجهاضها
الاعلام أو الإخبار وظيفة من وظائف الكينونة لدى المجتمع البشري حصريا. عالم الحيوان خال من هذه الميزة. تداول المعلومة إذن مصاحب للإنسان منذ نشأته. اتخذت هذه الوظيفة أشكالا متعددة كما مرت بتعريفات مختلفة بحسب مراحل التطور الحضاري للإنسان .. إلى أن وصل إلى صيَّغه الحالية أي الإعلام la presse أو وسائط التواصل les médias. على الرغم من أن الإعلام (الإخبار) لا يمتلك قوة تنفيذ مُخول له بها، إلا أن فاعليته عظيمة فى توجيه الرأي العام و الخاص. من هنا اعتباره سلطة مكتملة الاركان مثل السلطات أو العكازات الثلاث التى تقوم عليها الدولة، أي السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية و السلطة القضائية. حتى ما يعرف بالرأي العام يكاد يرتقى هو الآخر إلى هذه الدرجة. ذلك لما له من قوة التأثير فى الميدان.
دعونا الآن ننظر للدور التاريخي الذى لعبه ما أصطلح على تسميته الإعلام. قبل ذلك لا بد أن نشير إلى أن الإعلام يتحول فى أحيان كثيرة و حتى أغلب الأحيان إلى الدعاية أو البروباغاندا لتسويق موقف أو عمل ما.
لن نغوص بطبيعة الحال فى التاريخ البعيد، لتعذر ذلك أولا ثم لمحدودية فائدته أيضا. لنأخذ إذن مرحلة من التاريخ المعاصر هي سيطرة الاوروبيين على معظم أقاليم الأرض و ما يصاحب ذلك من دعاويهم نشر الحضارة و المدنية فى هذه الربوع انطلاقا من اعتبار هذه القيم محصورة على القارة الأوروبية (européocentrisme). باسم نشر الحضارة و تعاليم الديانة المسيحية أفْنى الغزاة الأوروبيون قرابة عشرين مليون من السكان الأصليين فى الأميركتين، و باسم ذات القيم تمت السيطرة على القارة الأفريقية و أبيدت أعداد ها ئلة من سكانها و هُجِّر الملايين منهم كعبيد ليحققوا بخدمتهم فى المزارع و المصانع ازدهار الأسياد الأوروبيين و رفاهههم. امتد السطو الأوروبي إلى القارة الآسيوية الهادئة و احتُلت الهند بملايينها و رغم حضارتها العريقة. كل هذا تحت شعار نشر الحضارة و القيم الإنسانية. الشيء نفسه وقع فى الوطن العربي كله، لم يسلم منه قطر. لقد اغْترَّ لفترة كثير من الشعوب بهذه الدعاوى و اعتنقوا المسيحية كما حصل فى أميركا اللاتينية و أفريقيا و فى أجزاء من آسيا، و رافق هذه الحملة فى كل مرة دور دعائي إعلامي مُبرِّرٌ مستخدما كل الوسائل من جرائد و راديو و وسائط أخرى متطورة. لكن أكتشفت الضحايا بعد أحايين طالت أو قصرت حسب المناطق أن هذه الحملة رغم مظاهرها الإنسانية الخادعة ما هي إلا للتغطية على أهدافها الحقيقية التى هي نهب الموارد الطبيعية لهذ البلدان و استغلال عرق جبين ساكنتها لمصلحة الغزاة.