بيان

يا شعبنا الصابر المحتسب!
لقد مرت على شعبنا أربع سنين عجاف من نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لم تتخللها أي انجازات ذات تأثير إيجابي ذي اعتبار على أوضاع المواطنين ؛ كما أن هذه السنين دمرت كل أمل علقه شعبنا على هذا النظام؛ الذي كان سيء الأداء ، سيء الاختيارات …و غير موفق في أي تدبير اتخذه خلال هذه السنين الأربع الصفراء المنحوسة. فقد تميز، من بين الأنظمة الفاسدة السابقة، بأنه النظام الأكثر ضعفا و تخبطا في سياساته و الأقل أصالة في هويته و الأبعد عن نبض مواطنيه، برغم الإجماع الوطني الذي حظي به، بالمجان . فلم يكتف هذا النظام بالسير على خطى سابقيه في سرقة المال العام و نهب ثروات الشعب و ترك الحبل على الغارب لحاشيته و التغاضي عن أقاربه و حاشيته ينهبون خزائن الدولة و يسلخون الشعب بكل وقاحة و بدائية فاضحة فحسب؛ بل تجاوز هذا النظام في فساده أسلافه الذين كانوا يتهيبون على الأقل المساس علنا بشكلية المؤسسات الديموقراطية؛ خاصة مؤسسة الجمعية الوطنية. فاختار هو أن يحولها إلى أتفه و أتعس حظيرة بشرية للتباري و التباهي في ما يصلح لأي وصف مشين و فاضح و قادح. و اختار أن تكون المواقع العليا من المسؤولية في الدولة معملا كبيرا لتدوير أبشع أكلة المال العام و المشهود لهم بالفساد الإداري و المالي. و إذا كان شعبنا قد تعود على الممارسات الهابطة من قبل المسؤولين في هذا النظام و في الأنظمة التي سبقته؛ فإن شعبنا لا يستطيع الاستمرار في الصبر على محاربته في حياته اليومية ؛ بترك ثلة من المرابين يضاربون في أسعار قوته. إن حياة مواطنينا هذه الأيام تحولت إلى واقع جهنمي لا يطاق بفعل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية التي لا تستغني أي نفس بشرية عنها. فالأرز و الخبز و الطحين و الخضروات و اللحوم ، الحمراء و البيضاء، … و الماء و الكهرباء و العلاجات الحيوية لم تعد في متناول أي أسرة موريتانية خارج نادي سراق المال العام من العسكريين و المدنيين و مزوري الأدوية و المتاجرين بالمخدرات … و بالمواد منتهية الصلاحية.
أيها الشعب الموريتاني .
إن المجاعة هذه الأيام تلتهم أطراف و أحزمة البؤس حول العاصمة نواكشوط كما أن تقارير المواطنين القادمين من المدن و القرى الداخلية تتحدث عن كوارث و موت متواتر للأطفال و الأشخاص المسنين بالجملة و من أصحاب الهشاشة الصحية جراء انعدام الغذاء، كما و كيفا. هذا فضلا عن تفشي الأعراض و الأمراض ذات الصلة بنقص التغذية بين المواطنين. إن الوضع المعيشي الذي لا يطاق لا يمكن تبريره خارج أسباب استقالة الدولة من مسؤوليتها في مكافحة الفساد و كبح جشع الفاسدين و التخلي عن الوقوف في وجه المضاربات الهستيرية اللامسؤولة بالمواد الغذائية للمواطنين التي يقوم بها التجار بكل وقاحة و لا إنسانية في ظل نظام تلاشت مظاهر حضوره و سيطرته على زمام المبادرة.
إن نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يتفرج براحة بال على تفاقم مؤشرات مجاعة حقيقية قد تجتاح شعبنا في أي وقت ما لم يستيقظ هذا النظام من نومه و ينتبه لخطورة سلبيته على البلاد و على النظام نفسه. إن أفرادا داخل أروقة النظام يتحدثون عن أنه أقدم قبل أسابيع على تخفيض لقيمة العملة الوطنية هي المسؤولة عن الارتفاع المذهل للأسعار هذه الأيام و أن السلطة تتكتم على هذا الخفض تاركة الشعب يعيش في حياته اليومية هذا الخفض القيمي للعملة الوطنية بكل ويلاته و انعكاساته في ارتفاع الأسعار دون أي تدبير للتخفيف منها.. فالكذب و الخداع، داخليا و خارجيا ، بات هوية مميزة لأركان هذا النظام و أسلوب عمل لهم ؛ على إثر فشلهم المدوي في إنجاز أي نسبة من الوعود الانتخابية للرئيس إلى الشعب الموريتاني و فشلهم في المسك بأي مصداقية عند شركائهم الدوليين الذين أصبحوا يتندرون بكذب المسؤولين الموريتانيين. إن النظام بعد نيقنه بالفشل لم يعد يمتلك من الحيلة سوى الإقدام على التلويح بتكميم الحريات العامة، كما حدث قبل أيام، و المضي قدما في إرهاب المواطنين الشباب الذين إما فروا جماعيا بالآلاف من جحيم الحياة في وطنهم إلى أرجاء العالم و إما انكفأوا في هذا الواقع البائس على أنفسهم لتحصيل لقمة العيش لأطفالهم و ذويهم.
أيها الشعب الموريتاني المغلوب على أمره.
إن هذه الفوضى في أسعار المواد الضرورية و عطش المدن و القرى من شمال البلاد إلى جنوبها و من العاصمة إلى وسطها … و هذا التسيب الإداري و التميع المؤسسي لمرافق الدولة، و آخر مظاهره المميتة للدولة و وظيفتها كان تمجيد قبائل كبار ضباط المؤسسة العسكرية قبل أسبوع داخل الثكنات من قبل مهرجين تافهين، … كل ذلك يعني حقيقة واحدة و هي أن هذا النظام بات خطرا وجوديا على بلدنا و على و حدته و مشروع الدولة الوطنية التي كابدت أجيال موريتانية متعاقبة في سبيل تأسيسها و فرضها كواقع في بيئة اجتماعية محلية عصية و أطراف إقليمية و دولية معادية. و قد أثبتت التجارب المرة مع الأنظمة الفاسدة السابقة أن النظام حين يقف عاجزا عن تحقيق أي إنجاز و يعجز عن الاستمرار في خداع الشعب بالوعود ، فإنه يلجأ إلى القمع و الاستبداد و التنكيل بالمواطنين لأتفه الأسباب لفرض احترامه بالسجن و المحاكمات؛ و هذا ما مر بنا قبل أسبوع و سيتفاقم في قادم الأيام … و عندما يجتمع القمع و كبت الحريات العامة و الإسراع بالبطش بالمواطنين مع تردي الأوضاع المعيشية للناس و تفسخ مؤسسات الدولة و مرافقها الحيوية، فإن النظام يدخل في فترة الاضطرابات الاجتماعية و عدم الاستقرار السياسي … الذي ينتهي في العادة إلى التغييرات غير الدستورية ؛ و تلك هي أقبح أنواع التغيير و أبغض الحلول !
نواكشوط، أغسطس 2023.
مكتب الثقافة و الإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *