بيان في الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل القائد المؤسس لحزبنا
بيـــــــــان
تمر علينا بعد أيام قليلة الذكرى الرابعة و الثلاثين لرحيل القائد المؤسس لحزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي، الأستاذ الرفيق ميشيل عفلق ، أعظم قادة الفكر العربي في العصر الحديث. و قد انفرد الأستاذ ميشيل عفلق ، من بين قادة الفكر العربي، بأنه أدرك بوعي متقد، ضرورة تأسيس مشروع قومي نهضوي يلتحم فيه التاريخ المجيد للأمة بالتطلع إلى روح و مقتضيات العصر الحديث، و يرتبط عمق الفكرة القومية ، ارتباطا جدليا، بعمق تحليل الواقع العربي، و علمية التشخيص و ملاءمة الفلسفة التنظيمية الموصلة إلى تحقيق الأهداف القومية في الوحدة و الحرية و الاشتراكية التي شكلت محتوى النظرية القومية الإنسانية للعرب في إديولوجية حزب البعث العربي الاشتراكي؛ التي أبدع الأستاذ ميشيل عفلق في جمال صياغة مبادئها و ترصين فكرها و شمولية تنظيمها ؛ فكانت جامعة من جهة لنخبوية البعث ، و من جهة أخرى لنضاله الميداني و معاناة رفاقه وسط الجماهير العربية.
أيها الرفاق.. أيتها الرفيقات.
إن الاستحضار لهذه الذكرى العطرة لا ينبغي أن يكون بكائية طللية على حدث تاريخي دارس و لا تلاعبا بعواطف البسطاء من بين البعثيين المنسحقين تحت وطأة الانقطاع عن تنظيم الحزب … و لا إلتماسا لتجميل صورة مسار سياسي غير مشرف في أهداف و أساليب كانت أبعد ما تكون عن أهداف و أساليب حزب البعث العربي الاشتراكي و للسيرة الناصعة لمؤسسه؛ الذي أفنى ثلاثا و خمسين سنة من النضال الفكري و المعاناة التنظيمية في سبيل البعث؛ تناوبت عليه خلالها صور المحن و المصائب دون أن يركن و لو مرة للواقع الفاسد أو يستعين بالتافهين أو يستنجد بالمفسدين و المشرذمين ، طلبا لمجد شخصي أو سعيا لجاه انتخابي أو منصب في سلطة… و دون أن يخذل البعث و رفاقه تحت أي طائل تبريري.
أيها الرفاق.. أيتها الرفيقات.
إن تخليد ذكرى رحيل الأستاذ ميشيل عفلق ، شأنه شأن تخليد أية مناسبة قومية ، يجب أن يكون تخليدا مبدئيا للدفاع عن حزب البعث، فكرا و تنظيما و نضالا، و الوقوف في وجه دعاة التزييف الذين يسعون لجعل حزبنا مجرد ذكريات تاريخية يخلعونها كالثوب البالي في مواسم الطمع و المصالح و يحيونها في فترات الفراغ السياسي لدغدغة المشاعر و التلهي بأصحابها. إن الأستاذ ميشيل عفلق الذي تحيي أكثر من جهة ذكراه هذه الأيام ، بعضها مخلص و جاد و بعضها مدلّس و ملبّس، هو الذي أكد، في أكثر من محطة من حياته النضالية القاسية، أن حياة البعثيين خط واضح مستقيم ، لا فرق فيها بين باطنها و ظاهرها، و لا تناقض بين يومها و أمسها…
أيها الرفاق .. أيتها الرفيقات.
إن المؤامرات على حزب البعث العربي الاشتراكي ليست جديدة و لا هي وليدة غزو العراق و احتلاله، و إنما كان هذا البعث عرضة للتآمر ،منذ تخلق فكرة أفصحت عن اليقظة القومية الإنسانية العربية ، من قبل جميع القوى الامبريالية و الأنظمة العربية و نخبها الرجعية و العميلة للأجنبي … و التنظيمات الأممية: اليسارية و الليبرالية و الظلامية؛ للحيلولة دون استعادة العرب لدورهم التاريخي و نشر رسالتهم الخالدة بين الشعوب. غير أن أخطر صور المؤامرات و أشدها تخريبا و تدميرا هو التآمر الداخلي ، على نحو ما قادته عناصر الردة الشباطية 1966 في القطر السوري و استنسخته بعد احتلال العراق و استشهاد قادة الحزب و رموزه مجموعات أخرى في أكثر من قطر؛ منها ما هو مرتبط بمشروع أجنبي و منها ما هو مرتبط باستخبارات قطرية. فأصبح الحزب يرفع كشعارات و يحيا كمناسبات ؛ و في ذات الوقت يعمل المزيفون على إبعاد البعثيين عن حزبهم ، و خاصة السعي لتسفيه الارتباط الجدلي بين الفكر و التنظيم و صيغ العمل بهما؛ إمعانا في تشويه صورة واقع الحزب و التلبيس و التدليس على رفاقه المنقطعين تنظيميا؛ و إلحاقا لأكبر ضرر ممكن بالنهج الثوري للبعث و حزبه.
أيها الرفاق.. أيتها الرفيقات.
إن من الوفاء لهذه الذكرى العطرة و لتخليد الصورة النقية من الأوساخ للأستاذ ميشيل عفلق أن نشد انتباه البعثيين إلى أي مسعى تخريبي للحزب، مهما تخفى أصحابه بالشعارات، كما أن من الوفاء للأستاذ العظيم ميشيل عفلق و لرفاقه الذين قضوا على طريقه المبدئي أن ندعو رفاقنا كافة إلى العودة إلى فكر البعث و تنظيمه و تربيته و نضاله و أهدافه … و إلى التحلي بأعلى درجات الوعي الثوري إزاء أساليب المزيفيين و المخربين مهما اختبأوا ، حتى يستعيد حزب البعث سيرته الأولى ، فكرا و تنظيما.
مكتب الثقافة و الإعلام.يونيو،2023.