يسر طاقم جريدة الدرب العربي الألكترونية – الذي أشرف على فعاليات الإعلام البعثي في القطر الموريتاني على مدى عشر سنين من النضال النبيل و المشرف في ظروف قطرية و قومية و دولية هي الأكثر قسوة و تعقيدا على حزب البعث العربي الاشتراكي و أمته- يسره إذن أن يزف لرفاقه داخل القطر وخارجه أن الدرب العربي قد توقفت ، بعد تسع سنوات من الصدور و العطاء المتواصل ، فاتحة المجال لميعاد موقع ألكتروني باسم البعث ليحل محلها على ذات الخط المبدئي و بمضامين النهج البعثي الأصيل ،ضمن تطوير آليات النضال ، خاصة بعد المؤتمر القطري للحزب في يوليو من السنة ٢٠٢٢ ؛ و الذي عقد الرفاق فيه العزيمة ، متوكلين على الله و تجربتهم النضالية العميقة، على مواصلة نضالهم متحدين كل الظروف بعون الله و توفيقه و متجاوزين مختلف المصاعب و المتاعب التي تتراكم عليهم كقطع الليل المظلم ؛ كلما انقشعت منها قطعة حلت محلها قطعة أشد ظلمة و أعتى وحشة مستلهمين معنوياتهم من قول الرفيق المؤسس أحمد ميشل عفلق طيب الله ثراه و أحسن رحمته و مثواه: جمال القمة ينسي وعورة الطريق! فلن يزيدهم تحالف الظروف السيئة و شراسة العدو عليهم و تولي بعض رفاق الأمس عن الدرب و خذلان الصديق عن المؤازرة في شدة المحنة إلا عنادا على المبادئ و إيمانا بالنصر !
لقد أبدع رفاقنا في نضالهم خلال مسيرة جريدة الدرب العربي على بساطة أسلوبهم و تواضع إمكانياتهم حد العدم … و لكن التاريخ أثبت دائما أن البساطة تغلب أقوى قوة!
لقد شكلت الدرب العربي منصة دائمة في خدمة مصالح الشعب الموريتاني و خياراته الوطنية و القومية ؛ فدافعت عن حقوقه و عرّت أعداءه و خصومه ؛ و فضحت المتآمرين عليه داخليا و خارجيا ؛ كما وقفت بكل جرأة و إقدام في وجه التحالف الغربي- المسيحي- الصهيوني- الصفوي ؛ و نافحت عن قضايا الأمة العربية العادلة كافة …. و فضلا عن ذلك تشهد أعداد الدرب العربي السبعون أن حزب البعث العربي الاشتراكي في القطر الموريتاني قد إلتزم بكل صرامة بخطه المبدئي و بأهدافه ؛ فلم ينحدر لمستنقعات القبلية و لا الشرائحية و لا المناطقية؛ كما حافظ بكل شرف على أخلاقيات البعث ؛ فلم يكن لعّانا و لا شتّاما و لا سبّابا… و إنما إنتهج نهجا رصينا و لغة راقية و أسلوبا حضاريا في كل المواضيع التي تناولتها الدرب العربي على مدى سبعين شهرا؛ سواء على مستوى معالجاتها السياسية أو تحليلاتها الاجتماعية و الاقتصادية… و لم تستثن الدرب العربي موضوعا ذا صلة بحياة الشعب الموريتاني و مشهده السياسي إلا و طرقته بمنتهى الجرأة و عمق التحليل و شمولية النظرة مستقوية بميزة الترفع على أصحاب الامتيازات و الحظوات لدى الجهات القابضة على السلطة، أو تلك الجهات التي تتعاطى مع أطراف و أوكار خارج الحدود تحت عنوان معارضة الأنظمة! كذلك لم تعكس الدرب العربي طيلة هذه الفترة – التي شهدت كثيرا من التشويش على خطها ؛ بل نيل من عرض رفاقها الذين صبروا على الأذى صبرا جميلا ؛ فأبانوا عن نضج ثوري يليق بالبعث و بالبعثيين و ارتقوا على خصومهم في الخلافات – نقول لم تعكس مواقفها على خلفية خصوصية أو شخصية ؛ إنما ظل الضابط لعلاقاتها بالآخرين مرتكز على أمور الهوية الحضارية و الثقافية للشعب الموريتاني … أو في التصدي للميوعة و المميعين، من البعثيين السابقين، لوحدة الفكر و التنظيم لدى حزب البعث العربي الاشتراكي. و ما إن يعيد أحد هؤلاء بوصلته نحو هذه الوحدة و يضبط سلوكه السياسي على هذا المبدأ ،غير القابل للتصرف ، حتى يلقى الحزب أمامه فاتحا باب التوبة و ذراع الاحتضان…
و نختم بأنه لم يغب يوما عن وعي القائمين على الدرب العربي ضرورة التمسك بما هو ممكن من الرؤية المشتركة بين الموريتانيين جميعا في ذات الوقت الذي كان فيه الإصرار على أشده لمواجهة مساعي ” المميعين” للي أعناق المفاهيم البعثية و تعبئتها بمحتويات في أشد التناقض مع مبادئ البعث بذريعة الانحناء للتطورات الدولية أحيانا و طورا بدعوى تجاوز التاريخ لها ؛ و تأويل ذلك لصالح الميوعة السياسية و التحلل الفكري و التنصل من صيغ العمل التنظيمي بهدف إسقاط الحزب من الحساب ؛ بل إخراجه من الوجود ضمن جهد متضافر ،محلي و دولي، يشترك فيه أكثر من طرف من داخل الحزب و من خارجه. و على هذا الخط المستقيم و هذا النهج المبدئي القويم سيواصل الطاقم الجديد لموقع (البعث ريم ) نضاله الإعلامي النبيل في التصدي لجهود التثبيط و التيئيس لروح القومية لدى الشباب الموريتانيين ؛ و في الوقوف في وجه سعاة التغريب و الاستلاب الثقافي ؛ و في لجم و تعرية قوى النفعية و سماسرة السياسة و التفاهة و الرداءة … كل ذلك بالانفتاح على ما تبقى من القوى و الشخصيات الوطنية التي لا تشترك و لا ترضى بهذا الانهيار القيمي المريع و التهميش المخطط ضد القوى و الحركات السياسية التاريخية و الشخصيات الوطنية ذات الكفاءة و النزاهة و النخوة و أصحاب الرؤى الحداثية بغض النظر عن مشاربها الفكرية . إن شروطنا في التلاقي مع هذه القوى تبقى في التقيد بإطار الوحدة الوطنية و اللحمة الاجتماعية و نبذ الارتهان لمشاريع القوى الأجنبية. إن بلدنا يعرف في هذه الحقبة تحللا مفزعا لأنساقه الاجتماعية و القيمية ؛ كما أن الدولة في بنيتها العميقة تتحلل في الكيانات القبلية و الجهوية و تندفع نحو التفكك بوتيرة مخيفة ؛ و هو ما ينذر بالخطر القريب على بقاء كيان الوطن موحدا. كما أن النخبة الوطنية التي ترفض الاشتراك في تحطيم مؤسسات الدولة و نهب مواردها تواجه ،هي الأخرى، تصفية مبرمجة من الحياة العامة ، خدمة لأصحاب الرغبة في وضع البلد و مصيره بأيدي السماسرة و التافهين و الفاسدين و المنحرفين …
إنها مهمة إنقاذ بلد يتهاوى و لا تستطيعها إلا طليعة وطنية متسلحة بالجراءة و العزم و الحسم ؛ و غير ملتفتة للوراء و لا مرتبكة بفعل قوة الفساد ؛ مما يجعل من الحتمي أن تخرج من لحظة الصدمة و الانهزام النفسي، صوب تحالف وطني للإنقاذ يخلق الشروط اللازمة لاستيلاد وعي سياسي حداثي وطني يعيد قطرنا إلى السكة و يتداركه قبل الوقوع في مهاوي الردى…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *