العدد 66 (شهر أغسطس ) من مجلة الدرب العربي الصادرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي – قطر موريتانيا

تنويه.. !!
ينوه طاقم تحرير الدرب العربي إلى أنه سيأخذ إجازته السنوية، كما عودكم ،منذ تسع سنوات، أيها القراء و المتابعون الأعزاء للدرب العربي ، مع فاتح شهر سبتمبر المقبل. و هو إذ يتمنى لجمهور و قراء الدرب العربي عطلة مريحة و ممتعة، فإنه يتطلع لملاقاتهم من جديد على درب النضال العربي من أجل العدل و الحق و التحرر و استعادة الوحدة القومية للعرب و ريادتهم ضمن محفل الأمم و الشعوب الصانعة للحضارة و الرقي و التقدم الإنساني..
مع الشكر و التقدير لكم.
التحرير..
بشروا الموريتانيين بأنها المأمورية الأخيرة.. !!
لم تكن النهاية التي انتهى إليها النظام الحالي مفاجئة لجميع الموريتانيين، برغم حجم الآمال العريضة التي علقتها عليه الأغلبية ممن يصنعون الرأي العام في البلد. و لم يكن ذلك ليكون، أيضا، على هذه الحالة ، لو لا حجم النقمة التي حملتها أغلبية هؤلاء الموريتانيين على الرئيس السابق. كما أن الطيبة التي شاعت عن الرئيس الحالي ، قبل توليه مقاليد الأمور، منحته ، مقدما، قسطا وافرا من الاحترام المجاني، كعربون تعويضي عما ذاقه الشعب من احتقار و وقاحة في ظل سلفه. غير أنه ، بمرور الوقت، تكشف أن تلك الطيبة ما هي إلا شعور مازوكي غير عقلاني، بالبداهة، يحمل صاحبه على التقليل من نفسه إزاء الآخرين و على الافتقار للمعنى حيال ما يتوهم أنها قوة هائلة تهيمن عليه و تجبره على الخضوع و الاقتناع بالعجز و اللاجدوى … و الرهاب من اتخاذ القرارات السيادية!
و في ظل أنظمة الشخصيات المازوكية ، يخطئ الشعب ، في العادة، طريقه إلى التصدي للفاسدين، و ذلك بتوجيه اللوم لرأس السلطة ، بينما السلطة على الحقيقة في أيدي آخرين خارج دائرة الضوء الإعلامي. هؤلاء يمكن الكشف عليهم في معاركهم العنيدة لحماية امتيازاتهم التي حصّلوها على نحو غير مشروع تحت صورة الرئيس، كواجهة للسلطة!
إن أغرب ما في أنظمة الحكم ، التي تكون واجهاتها شخصيات مازوكية، هو أنها تكون ، في ذات الوقت، عرضة لنقمة الشعب، و لاحتقار أركان السلطة نفسها لها؛ بخلاف الأنظمة التي تحكمها شخصيات سادية؛ فهي يخافها الجميع و يكرهها الجميع. و إن من الخطإ مع هءه السمة الغالبة، الأمان، بتاتا ، من الشخصيات المازوكية، فقد تتحول فجائيا إلى نزعة عدوانية أقرب للعدمية، و خاصة في أوقات الشعور بقرب النهاية. و بالعودة، لصلب الموضوع، فإن المفسدين في ظل هذا النظام يظهرون بكامل ألقهم ، و لكنهم لا يشعرون ، تحت الغليان الشعبي، أنهم كأعمدة الإنارة المنصوبة على فوهة بركان حارق ماحق، لا يدري أحد متى تنفتح ناره و لا يعلم أحد عمق التردي الذي يصل إليه في انهياره ! إن ارتياح المفسدين للموت المعنوي للأحزاب التقليدية المهترئة لا يعني أبدا الإطاحة بكل قوى الخطر التي تتهدد نظامهم الضعيف و الفاسد ؛ و هو ما أطلق عليه ولد ابريد الليل، رحمه الله، “المجهول” الذي لا يفتر و لا يغفل… أو” حقد الجمل ” الدفين الذي لا يزول ! … و قلة من الناس هي التي تدرك خطورة الغليان تحت الصمت…
إن ” الطيبة السلبية” ليست هي أخطر بلاوي هذا النظام ، و إنما مشكلته أنه خارج زمن الناس و بالتالي فعلاقته بالموريتانيين علاقة جامدة ؛ و تلك هي أقبح صور العلاقات بين الحاكم و الرعية. فالإحساس بالزمن و الشعور بأحوال الرعية ، في الدوائر الأبعد عن دائرة السلطة، هي أبرز العناصر الدينامية في ملامح الحاكم ؛ بل على أساسها تختلف قدرات و اهتمامات الأفراد بعضهم عن بعض. إن بعض الأفراد ، مثلا ، تنحصر همتهم بالأكل و الشرب… و النوم … و بالإشباع المفرط للشهوة الجنسية؛ و الأخيرة هي الأكثر إتلافا للنزوع إلى السمو … و كثيرا ما قادت صاحبها إلى الموت الجسمي أو الموت المعنوي، بأنه لا يمت بصلة إلى شيء يصعد بالنفس إلى معالي الأمور !
و ضربا للذكر عن هذا الاستطراد ، فإن من نتائج ” الطيبة السلبية” و القابلية المازوكية ذهاب الرئيس إلى الملعب الأولومبي غداة رفع حكومته لأسعار الوقود، بطريقة فجائية و صادمة، ليس للنخبة وحدها ؛ و إنما للشعب كل الشعب… و قبل ذلك ظهر أحد أوجه الفساد الأكثر نبذا في الوجدان الشعبي مبجلا متصدرا لمشهد الحزب الحاكم و مقدما لترأس هيأة التحضير لزيارة رئيس الجمهورية إلى بعض ولايات الداخل، في عز الصيف، و ليس في وفاضه إلا رفع أسعار كل شيء، و إلا تدوير و تبجيل الأشخاص الأكثر فسادا و مجاهرة بالإفساد !
إنه أمر لا يمكن تفسيره إلا بالوقاحة و الاستخفاف بمشاعر المواطنين و الاستهتار بردة فعل الشعب، أو بأن هذا الرئيس في عزلة مطلقة عن الشعب و أحاسيسه و صور معاناته… و أن من أوحى له، افتراضا، من مستشاريه و المقربين منه، بهكذا تصرف ، كان إما غبيا .. أو عدوا لدودا !
إن وجود السلطة بيد رئيس غائب عن الزمن و عن مشاعر مواطنيه و معاناتهم يشكل خطرا وجوديا للدولة ، ككيان مادي و معنوي، و هو أمر أشبه بالطفل المتروك وحيدا لحال سبيله … و هل هناك ما هو أخطر على حياته من ذلك ؟!!
إن الموريتانيين – كلما مر الزمن الفيزيائي أو الزمن النفسي لهذا النظام – كلما شعروا جميعا بتفاهتهم كأفراد و بضآلتهم كدولة مقارنة بالأفراد و بالدول من حولهم في العالم… و هم الذين حملهم هذا الرئيس، في خطابه للترشح، على ظهر الوهم بأنهم، في ظل حكمه، سيفاخرون الشعوب بالانتماء إلى موريتانيا !
و على أساس نتائج ثلاث سنوات من قراءة الأصفار من الشمال، و بالتأكد من تواصل هذا العجز الصارخ عن تأدية الواجب الدستوري و عن مزاولة الوظائف الحيوية للسلطة، لا بد من مصارحة فخامة رئيس الجمهورية بالقول له إن أفضل ما تبقى بيده هو أن يبشر الموريتانيين بأنهم لن يروه بعد هذه المأمورية – هذا إذا لم يرحمهم بالتنحي قبل ذلك !
ولد الغزواني.. وجها لوجه مع نقمة الشعب!!
من المعروف للجيل ،من الموريتانيين، الذين عاشوا بعضا من حياتهم في البادية أن الخنزير البري( عر بالعامية) مشهود له بالحزم حتى كان مضرب مثل في ذلك. و من حزمه أنه في قمة أوقات الأمن عليه و الطمأنينة ، فإنه يبحث عن تربة صلبة ، في أماكن مختلفة و متباعدة، يحفر فيها ملاجئ بعمق تحت سطح الأرض ليحتمي داخلها من الوحوش المفترسة له… و إن من هذه الملاجئ ما هو استراتيجي في عمقه و تعدد مداخله و مخارجه، و منها ما هو دون ذلك لغرض الاختفاء في حالة مداهمة الخطر و الحالات المستعجلة. و كذلك تفعل السناجيب و النضانيض. فغريزة البقاء و حفظ النفس و النوع تفرض ذلك في مواجهة الأخطار و التحسب لها. و الأعجب أن البهائم أسبق في استشعار الكوارث الطبيعية من بني آدم. و من بني آدم من لا يتحسب لأمر، مهما بدا خطره جليا و داهما ، حتى يقع فيه. من ذلك أن العالم ، خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي و العشرتين الأوليين من القرن الجاري، شهد ثلاثة أحداث عظمى دفعت بالعقلاء من النخب و قادة العالم إلى التوقع و التحسب لتداعيات كبيرة و خطيرة يتوجب اتخاذ كل الإجراءات للنجاة من هلاك تبعاتها المختلفة. فالحدث الأول كان انهيار المنظومة الشيوعية و تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار العالمي عبر التحكم في المؤسسات الدولية و ما استتبع ذلك من تفاعل دولي و حروب محتملة لإزاحتها من كرسي الهيمنة على مصير الشعوب، خاصة ردات فعل الدول ذات التاريخ و الشأن مثل الصين و روسيا و الهند. أما الحدث الثاني فكان احتلال العراق و ما جلب من فوضى عارمة و من عبث بالقانون و الأعراف و العلاقات الدولية. و أما الحدث الثالث فكان جائحة كورونا التي أصابت الاقتصاد العالمي بالشلل على نحو غير مسبوق. كل هذه الهزات العظيمة دفعت بقادة الدول إلى تأسيس مراكز بحث و استشراف للتفكير السيتراتيجي في مستقبل العالم، و تبدل موازين القوى فيه. كما شكلت هذه الدول خلايا خاصة لوضع خطط عملية لمواجهة التداعيات الاقتصادية واقتراح أفكار و حلول للتحديات الاجتماعية الضاغطة التي فرضتها التطورات الدولية، و التي لا تستجيب لها البرامج التقليدية و الروتينات الإدارية. وحدها، موريتانيا، لم يستشعر نظامها هذه الأخطار؛، بل كأنه في كوكب آخر بالنظر لسلوكه و نمط تسييره للدولة و مواردها. و حين اندلعت حرب أوكرانيا مع روسيا، سارع حزب البعث العربي الاشتراكي ، في أعداد متوالية ، من الدرب العربي، إلى دق ناقوس الخطر بأعلى صوت ، داعيا السلطة الحاكمة إلى ضرورة الإسراع للاستعداد لأزمة دولية من نوع الأزمات التي صاحبت اندلاع الحروب العالمية، الأولى و الثانية؛ بل ستكون أخطر و أقسى!
و لكننا كنا كمن يقرأ فاتحة المصحف في أذن أتان، أو من يصيح بأصحاب القبور ! حتى صحا النظام من نومه الثقيل و قد وقع فأس الأزمة في أم الرأس، ففزع باتخاذ إجراء فجائي برفع أسعار الوقود ؛ و هي الأسعار التي ظلت مرتفعة تطحن الموريتانيين؛ مهما تدنت أسعار الطاقة في الأسواق الدولية. و بارتفاع أسعار الوقود ترتفع أسعار كل شيء في موريتانيا، من عود السواك … حتى قطعة الخبز ؛ و برفع أسعار الوقود – بهذه الفجائية الغبية دون تحسب و لا تدابير معدة سلفا لامتصاص نتائجها الاجتماعية و تداعياتها الاقتصادية المهلكة لأكثر من 90% من الموريتانيين – فإن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يوسع، ضمن كل الإجراءات غير الموفقة التي تعود على اتخاذها، معركته من نطاق التجاذب مع بعض النخب السياسية، حول لازمة الحوار، ليكون، هو نفسه، وجها لوجه، هذه المرة في موضوع لقمة العيش من أقصى الحدود لأقصى الحود، مع نقمة الشعب ، الذي صبر عليه و على تحديه له بتدوير الأشخاص الأكثر نهبا لأمواله و بتلميع” نفايات” الأنظمة السابقة الأقل شفقة على معاناته !!
ما زالت نتائج الأقسام النهائية تظهر الفوارق الاجتماعية في التعليم.
التعليم هو الأساس الذي تبنى عليه تنمية الشعوب وهو معيار التمايز في السباق الحضاري بين الأمم؛ فكلما أظهرت مخرجات هذا التعليم تناسبا بين فئات المجتمع (فقراء وأغنياء) كلما تهيأت مقومات تنميته الشاملة؛ وكلما أظهرت اتساع الفارق بين هذه الفئات كلما تعذر تحقيق التنمية.
كما أن الأمة التي تجعل نجاح التعليم شرطا لتفوقها تحتل صدارة السباق الحضاري دائما، عكسها الأمة التي تركن دائما إلى الخرافة والاعتبارات الوهمية.
في قطرنا (موريتانيا) كان التعليم ميزة حضارية تفوقنا بها على الكثير من الشعوب، ولو أن هذا التفوق بقي في طبقات معينة؛ لكنه، ومنذ أصبحت لنا دولة وطنية، لم يعد عامل تفوق حضاري بجهود فردية ولم يصل مستوى الخدمة الاجتماعية التي تمكن كل فئات المجتمع من اكتساب المعارف وولوج سوق العمل .
وكما أن التفوق في التعليم قبل قيام الدولة الوطنية كان محصورا في فئات معينة ، فإنه مازال كذلك محصورا في فئات خاصة حتى يومنا هذا.
الفرق بين الفئة المتفوقة في التعليم قبل قيام الدولة والفئة المتفوقة فيه اليوم أن هذا التفوق خلال مرحلة ما قبل الدولة كان نتيجة امتهان وهو اليوم نتيجة تمييز على أساس القدرة المالية ؛ ذلك ان الفقر قبل قيام الدولة لم يكن عائقا أمام التفوق في التعليم بينما هو اليوم العائق الأكبر… ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل تقع المسؤولية على الدولة في اغلبها مع وجود تقصير من الأهالي وهذه العوامل هي:
– رفع الدولة يدها عن المدارس الأجنبية في ظل إجبارية تعليم المواد العلمية باللغة الفرنسية وهو ما جعل التفوق ينحصر في بلدية( تفرغ زينة) التي توجد فيها المدارس الفرنسية وأثرياء البلاد وكبار المسؤولين الذين يستطيعون تسديد رسوم هذه المدارس.
– تدني رواتب المدرسين بحيث لا توفر لهم المعاش الضروري مما جعلهم يتزاحمون على المدارس الموجودة في المدن الكبرى ؛ حيث تتوفر مدارس خاصة يدرسون فيها مقابل تعويضات تخفف عليهم صعوبة الإنفاق.
– غياب دور الأسرة نهائيا في العملية التربوية خاصة في المناطق الداخلية حيث لا تزال الأسرة تفضل شراء العلف لبقرة واحدة ب (50 الف أوقية قديمة) للسنة على أن تدفع نفس المبلغ لمدرس يقوي مستوى ابنها الذي هو رأس مال أبقى من مائة بقرة أو ناقة.
وقد أظهرت نتائج ختم الدروس الابتدائية للعام الدراسي 2021- 2022 تباينا كبيرا بين مستويات تلاميذ مدارس المدن الكبرى وتلاميذ القرى النائية ؛ حيث سجل رسوب كلي لتلاميذ بعض المدارس في كوركل والحوض الشرقي من بينهم مدارس يفوق عدد تلاميذها 50 تلميذا. والخطير في الأمر أن الوزارة كانت – على ما يبدو – مبوبة لهذا الرسوب ويتضح ذلك من خلال اعتمادها معيار النجاح لتلاميذ الولايتين المذكورتين بمعدل 70 نقطة بينما اعتمدت للولايات الأخرى معدل 80 نقطة ؛ وكأننا في دولتين مختلفتي المناهج!!.
وعلى العموم ما زالت نتائج الأقسام النهائية تظهر فوارق اجتماعية خطيرة سواء تعلق الأمر بمستوى التعليم الأساسي أو الإعدادي أو الثانوي وحتى الجامعي( إعطاء المنح للعلميين فقط لأنهم يدرسون بالفرنسية ولأن ذويهم قادرين على دفع رسوم المدارس الخاصة الأجنبية)، ويلاحظ أن بنية النجاح تبقي بلدية ( تفرغ زينة ) دائما على قمة هرم التفوق في كل المستويات، بدءا من ختم الدروس الابتدائية إلى شهادة البكالوريا…
المارد العربي .. وقوف الفيل
مثلت االثورة الصناعية فى أوروبا منتصف القرن التاسع عشر قفزة تاريخية عظيمة فى الإنتاج و فى التجارة و تطورا علميا هائلا، خاصة مع انتشار استخدام الفحم الحجري و اكتشاف الكهرباء. لكن البحث عن الاسواق لصرف المنتجات الضخمة للمصانع و البحث كذلك عن الربح كانا يحملان فى طياتهما، إلى جانب التطور، كارثة الاستعمار الوحشي الذى راحت ضحيته شعوب بأكملها فى أميركا و آسيا و أفريقيا .. العرب، بطبيعة الحال، نالوا نصيبهم من هذا الشر القادم من القارة الأوروبية. فى ما كان رجل أوروبا المريض، الخلافة العثمانية، يترنح مما سهل على الأوروبيين وضع يدهم على الوطن العربي الذى كان العثمانيون يحتلونه باسم الإسلام. استعمار يأتى على استعمار آخر .. مثل القطار الذى يتبعه قطار آخر. تأتى بعد ذلك معاهدة سايكس- بيكو المشؤومة التى قسم الإنجليز و الفرنسيون، بكل صفاقة و وقاحة، هذه البلاد العزيزة، مستخدمين فقط المساطر و الخرائط. انتِ يا بريطانيا تأخذين الجزيرة و الشام و مصر، و لكِ يا فرنسا شمال أفريقيا و القرن الأفريقي. تُسَكّت إطاليا بإقليم ليبيا و إسبانيا بالفضاء الكائن بين موريتانيا و المغرب، المسمى اليوم الصحراء الغربية.
بتلك المعاهدة تكون قد اكتملت تجزئة الوطن العربي؛ و تُتوجُ باعطاء طابع رسمي لكيانات قطرية هزيلة؛ و برسم حدود وهمية بينها؛ و تنصيب عملاء على رأس إدارة خاصة بكل واحدة منها؛ و خلق طبقة عميلة و طوابير تأتمر بأمر هؤلاء الحكام؛ و جواسيس يعملون مباشرة مع هذه الدول. كيف ينظر الشعب العربي المغلوب على أمره إلى هذه التطورات؟ الحقيقة أن تتابع الاحتلالات على الأمة، بعد عصرها الذهبي، لم يُتِح لهذا الشعب فرصة التقاط الأنفاس و تقييم الوضع. من المؤكد أن الشعب العربي تحلى أثناء كل هذه الحقب بصبر أسطوري و لم يفقد قيد أنملة من روحه الحضارية. رغم كل ما واجه من تحديات و عداوة، سافرة، و أحيانا مستترة، متدثرة مثلا بالدين أو الحرية. لِتكالبِ الأعداء الذى يُؤثِّر أحيانا على بعض النفوس الضعيفة فتُصاب باليأس و القنوط .. ما يبرر هذا التكالب هو أن الأعداء، بعبقريتهم العلمية المعروفة، توصلوا إلى قناعة أن هذه الأمة، لو أُتيح لها أن تتوحد و تتطور، فسيكون ذلك آخر عهد بهم (الأعداء) مع الهيمنة على مقدرات الشعوب .. النتيجة نفسها حاصلة أصلا عند الجماهير العربية، و بخاصة عند المثقفين و الطلائع المناضلة من الشعب .. لكن دعونا نُلقى نظرة على مقدرات أمتنا و على الدور الخطر الذى يمكنها لعبه إذا ما تحررت و توحدت.
– الناتج القومي الحالي ينقص قليلا عن ٦ تريليون دولار سنويا، ما يضعها فى المرتبة الرابعة بعد الولايات المتحدة و الصين و الاتحاد الأوروبي
– مساحة الوطن العربي ١٣،٥ مليون كم مربع أي الثانية بعد الاتحاد الروسي
– سكانه حوالا ٤٠٠ مليون نسمة، الثالثة بعد الصين و الهند
– الجيش ٤ ملايين جندي + ٩٠٠٠ طائرة حربية + ٤٠٠٠ هيليكوبتر + ٠٠٠ ٩١ دبابة + ٠٠٠ ٥١ سيارة حربية
– الفلاحة
•السودان لوحدها ٨٤ هكتار من الأراضى الزراعية يمكنها إنتاج ٧٦٠ مليون طن قمح + ٧٣ مليون رأس ماشية + ٤١٠ مليون خراف + ٨٥٠ مليون دجاج/سنة
– الطاقة
• تغطية ٨ % فقط من صحراء ليبيا بالألواح الشمسية يمكِّنها من إنتاج ٢٠ مليون ساعة جيغاوات تكفى حاجيات الكرة الأرضية بأكملها
– النفط ٢٤ مليون برميل يوميا، ما يعادل ٣٢ % من الإنتاج العالمي
– الزكاة ٢،٥ % تساوى ٢٩ مليار سنويا تكفى لبنا ٢٥ مدينة يسكنها ٢٥ مليون عربي + ٥٠٠٠ مستشفى كبير + ٢٠ مدرسة تخرج ٦٠ ألف طالب + ٣ مطارات تتسع ل٣٣ مليون مسافر + ٧ جامعات تخرج ١٧٥ ألف عالم و مهندس و طبيب.
هذه الدراسة قامت بها قناة “المجلة” سنة ٢٠١٧ على أساس معطيات ذلك الوقت.
لم نذكر إمكانات الاقطار الأخرى الكبيرة و المتنوعة. هذه الدراسة الجزئية هي فقط لإعطاء لمحة عن ما يزخر به الوطن العربي من ثروات. إمكانيات هائلة يعرفها كما قلنا الحيتان الامبرياليون. لذا لا يفوِّتون فرصة مباشرة و غير مباشرة ليقفوا فى وجه سير الوطن العربي إلى وحدته. فمع العدوان المباشر، كما حدث سنة ٢٠٠٣ للقطر العراقي، عمٍدَ هؤلاء الأعداء إلى تطويق الوطن بزرع كيانات هي مِنصات أو رؤوس جسر هدفها منع كل توجه تحرري أو وحدوي. مِثْل الكيان الصهيوني، الخنجر الذى غرزه الإنجليز فى فلسطين .. و مِثلَ ما كلَّفتْ به الامبريالية نظام الملالى الصفويين ليضغطوا من الجهة الشرقية. ليصبح الوطن العربي بين كفي كماشة. النتيجة هي كما نرى اليوم، تجذر الاحتلال و الاستيطان فى فلسطين الحبيبة و التهديد الدائم للأقطار العربية المجاورة غربا .. و عربدة إيران فى الخليج العربي شرقا، بدءا باحتلال دولة الأحواز الذى مضى عليه قرن من الزمن، و الجزر الإماراتية الثلاث، و التغلغل الإيراني فى دويلات الخليج و ما يحمل من استيطان و تجنيس، و محاولة تطويق الجزيرة العربية بخلق مستعمرة تابعة لإيران فى اليمن، و التوسع الصفوي فى سوريا الذى تحول إلى احتلال و استعمار مكتمل الأركان، وصولا إلى لبنان وتسليمه إلى حزب إيران الذى تحركه بالرموت كونترول، كما تفعل مع عملائها الطائفيين الحاكمين فى العراق … هذا كله بالتزامن مع ترويج مغالطة العصر. حيث أن إيران و جمهوريتها الإسلامية المزعومة تدعى تحت دخان كثيف من البروباغاندا و الشعارات النارية و التهديدات الكلامية، أنها تتصارع مع الامبريالية و زعيمتها الشيطان الأكبر أميركا !!..
رغم كل هذه التحديات و العداوات و منها العسكرية المباشرة، و رغم أن الأمة العربية تكالب عليها الغرب و الشرق و أُخضعت لاحتلالات متعددة، من عثمانيين إلى غريبين، إلى إيرانيين نيابة عن الامبريالية، و لم يُتح لها كما قلنا فرصة التقاط الانفاس … رغم هذه المحن فإن الشعب العربي متمسك بجوهر مشروعه الحضاري المتمثل فى الوحدة و الحرية و الاشتراكية. يٌمثِّل البعض الأمة العربية بالفيل البارك لكن إذا ما قام تهتز الأرض من حوله !.. أما نحن فلن ننخدع ولن يصيبنا الذعر بمظاهر القوة المزيفة للعدو المتمثلة فى هرولة الأنظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني الغاصب، علنا أو سرا من تحت الطاولة .. بل نرى أن هذه الهرولة لا تعدو كونها هروبا إلى الأمام منذرا بنهاية عهد الخنوع و الاستسلام و بالشعور بارتفاع منسوب الوعي عند الطلائع المناضلة، و أنَّ قِطَع الليل المظلم الراهنة سينبلج بعدها بإذن الله فجر جديد تنعم معه الأمة بمكتنزاتها الكثيرة التى ذكرنا جانبا متواضعا منها، و التى تُسيل لعاب المنافسين الكثر. سيقف الفيل و تتزلزل الأرض من حوله … هذه قناعتنا !!
انعقاد المؤتمر القطري الأول لحزب البعث في موريتانيا..
انعقد في مطلع يوليو / تموز 2022 المؤتمر القطري الأول لحزب البعث العربي الاشتراكي في موريتانيا.و قد ناقش المؤتمرون التقارير التنظيمية و السياسية و المالية خلال هذا المؤتمر؛ كما تمت مناقشة الأزمة التي يجتازها الحزب على المستوى القومي جراء تجاوز أعضاء القيادة القومية الحاليين خلال السنوات الأخيرة لأحكام النظام الداخلي بتدخلهم في فرض قيادات قطرية على أساس الولاء لأشخاصهم ، و لمنعهم لتنظيم مؤتمرات في أقطار أخرى لا يطمئنون على نتائجها لصالحهم. و في ختام هذا المؤتمر انتخب المؤتمرون قيادة قطرية و أعضاء احتياط صدر عنها بيان ختامي للمؤتمر، و نشر، تمسك فيه البعثيون في موريتانيا بالثوابت و المواقف المبدئية لحزب البعث و صيغه التنظيمية، و بمؤسسة قيادته القومية . كما أعلنوا دعمهم المبدئي الحازم لتنظيم مؤتمر قومي تنبثق عنه قيادة قومية جديدة تعيد للحزب فاعليته النضالية و ألقه المبدئي على المستوى القومي و تنقيه من العناصر القيادية الضعيفة و المتخاذلة التي شلت حيوية الحزب و شوهت سمعة مؤسسة القيادة القومية بتصرفاتها المنافية للأخلاق البعثية و المؤذية لتنظيمات الحزب في مختلف الأقطار العربية، بما تسبب في شرذمة عبثية لا تخدم إلا عملاء العملية السياسية الخيانية في العراق و رعاتها من القوى الدولية و الإقليمية و الأنظمة الرجعية العربية المعادية للخط المبدئي و الثوري لحزب البعث العربي الاشتراكي ،كما جسده باقتدار عال عمالقة البعث، الشهيدان صدام حسين و عزة إبراهيم الدوري.
قرار إطلاق الحملة الزراعية من لكراير صائب إذا تبعته جدية التنفيذ..
يقع سد لكراير جنوب شرق عاصمة بلدية كطع التيدوم أو قاع التيدومة التابعة لمقاطعة تامشكط في الحوض الغربي على بعد نحو ( 6) كيلومترات تقريبا، تفصله عنها صخور رملية تعرف محليا ب التجالة . وهو يتوسط منطقة ظهر أفله المتميزة بخصائص زراعية هامة ناتجة عن وفرة الأودية والقيعان اتومرن الموسمية فيها.
يعبر منطقة ظهر أفله واديان رئيسيان ترفد كل واحد منهما أودية فرعية. ينطلق منبع هذين الواديين من مرتفع تنكارة ابتداء من وادي العاكّر ويسير العاكّر عبر وادي لهبيلة ليصب في قاع (كّاعة)سد لكّراير قادما من الجنوب الشرقي. وبعد مصبه في لكراير يتجه نحو الشمال ليتفرع منه الواديان المذكوران عند موضع لمقمظة فيسير أحدهما نحو الشمال الشرقي مارا بتامشكط حتى يصب في بوبليعين على تخوم آوكار ويسير الثاني نحو الشمال الغربي حتى يصب في وادي أم الخز جنوب بوبليعين .
وأثناء سير الوادي الذي يتجه نحو الشمال الشرقي مارا بتامشكط يمر بمجموعة من السدود العملاقة مثل: سد لمقمظه،، كّلاب، كب انوامر ، ابيسيف المرفك … أما الفرع الذي يتجه نحو الشمال الغربي فهو يمر بسد بركطني وسد بقرلي، أم الكاح ، المتكنزية وعلى ضفة هذا الوادي الغربية القريبة من سد لكراير توجد سدود عملاقة تغذيها مياه الجبال المحاذية لها من الغرب والجنوب الغربي مثل: سد أولاد مالك (قاع التيدومة) ، سد أهل بوبه ، سد امريميدة.
وعلى ضفتيه شمال وغرب بركطني وجنوب بقرلي توجد سدود أخرى في مرتبة دون ذلك مثل: سد أهل اعمر ولد ديد ، سد بونسعة ، سد اتويمرات أهل بودة ،سد انتاكات ، سد تنبصكي، سد آغة، سد آكوينيت لبيظ ، سد ازميميل ، سد لمطيبلة ، سد قب.
وفي الناحية الشرقية من سد لكراير توجد سدود أخرى أهمها: سد لهبيلة، اقليك الغظف وسد المنفكع (الراظي حاليا) أما في جنوبه وجنوبه الغربي فتوجد سدود كبيرة أخرى مثل سد آنزي ،سد اجحافية ، سد إدقموهم ، سد قاعة البقر ، سد لكريفة، هذا فضلا عن عدد كبير من السدود الصغيرة والقيعان سريعة النضوب، مثل (اتيشوطن والتيشلات) التي كان السكان يزرعون فيها أثناء التساقطات المطرية فتعود عليهم بمنتجات مهمة قبل حصاد السدود الكبرى.
إن هذه الأهمية الزراعية التي يوفرها هذا الموقع تجعل الاهتمام به واتخاذ نقطة منه مكانا لإطلاق حملة زراعية يعتبر قرارا صائبا ومدروسا إذا تبعته إرادة تنفيذ جادة، وهذه الإرادة ينبغي أن تعمل على توفير الشروط التالية:
– وضع يد السلطة فوق الجميع حتى نتجاوز مشكلة النزاع العقاري الذي لا يفيد سوى تعطيل الزراعة وهذه اليد لن تكون نافذة إلا إذا كلف عناصر الجيش الوطني بالعملية ليعملوا ويؤمنوا المزارعين من بعضهم.
– توفير آلات زراعية لاستصلاح الآراضي وللبذر السريع بحيث تمكن المزارعين من استغلال عدد كبير من الهكتارات مما يضمن حصادا معتبرا يحد من النقص الحاصل في المحاصيل الزراعية.
– توفير السياجات والبذور والأسمدة والمبيدات لحماية المزارع من الآفات.
– إشراف الدولة على تسويق المحاصيل وضمان عائدات المزارعين بعد أخذ نسبة للميزانية العامة وأخرى لتجديد الآلات واقتناء البذور والاسمدة والمبيدات .
فإذا اعتمدت الدولة هذه الخطوات لتصاحب بها الحملة الزراعية فستشهد البلاد لا محالة تحولا كبيرا على مستوى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل وإذا توقفت عند إطلاق الحملة وما صاحبه من إنفاق للمال العام فإنها ستزيد الطين بللا، وستضاعف ابتعاد المواطن عن الزراعة بسبب ما سيتولد لديه من الإحباط وخيبة الأمل الناجم عن عدم المردودية .
نداء إلى القوى القومية المناضلة
أيها الرفاق،
إن للأمة العربية، مِثلَ الأمم الراقية الأخرى، الحق فى وجود مكان تحت الشمس. هذا الحق أصبح اليوم واجبا يحاسب عليه كل عربي. فالجميع حددوا الخنادق التى يرون منها مسؤولياتهم. أما الحكام العرب فواضحٌ الطريق الذى سلكوا، طريق الخنوع و الاستسلام و التبعية، فصاروا بيادق يوجههم الأعداء ضد مصالح شعبهم و أمتهم. فلا يوجد من بين الإثنين و عشرين نظاما “عربيا” من يملك شجاعة التصريح – مجرد التصريح – برفض ما يواجه الأمة من ظلم و اعتداء. أنَّى لهم ذلك و قد قدم لهم الأعداء الامبرياليون رشوة رخيصة هي التربع على كرسي حكم العمالة و الخيانة و الاستبداد على شعبهم و جماهير امتهم. صوروا لهم القٌطر الذى يحكمونه أنه دولة مستقلة لها هويتها التى تختلف عن انتماآت الأقطار الأخرى. الحقيقة أن هذه “الدول” لا تزن إذابقيت لمفردها جناح بعوضة فى عالم التكتلات الكبيرة الراهن .. هل ترى مصر بزخمها البشري أو السعودية بالتساع أرضها و غناها الطبيعي تتنافس مع أمريكا أو الصين أو روسيا و مثيلاتها كالهند و أستراليا ؟.. مع ذلك يُصور العدو هذا الوهم للحكام القطريين. حتى أنهم يضربون مثلا على “التطور” أبراج دبي و البحرين و أمثالهما من محطات البنزين، كما سخر منها فى يوم من الأيام كُتابٌ إنجليز. متجاهلين، أي الأعداء، أن هذه الكيانات الزجاجية تقع على مرمى طلقة مدفع من العدو الإيراني !!..
إنه ملمح من ملامح القطرية التى صنعها أعداء الأمة و نصَّبوا لها حكاما على مقاس مصالحهم … أما أنتم أيها المناضلون الثوريون فليس لكم و الحال هذه إلا التعبئة و الانخراط فى مواجهة الهجمة الامبريالية التى تتخذ من التجزئة و القٌطرية معاول هدم لتراث امتكم المجيدة و أداة فى مواجهة نضال الجماهير العربية. لقد جربنا الدولة القُطرية و رأينا أنها تسير فى الاتجاه المعاكس للتاريخ و لرغبات و تطلعات جماهير الأمة. كما عشنا رغما عنا تبعية الحكام القُطريين للمستعمر على حساب مصالحنا القومية، و صبرنا على استبدادهم و قهرهم، مع تكريسهم لواقع التخلف فى أقطارنا … فاليوم نحن مطالبون غير معذورين بعمل يزيل هؤلاء الحكام الميؤوس منهم و فى الوقت ذاته الحدود المصطنعة من خلال معركةٍ وحدوية ذات مضمون اجتماعي ثوري. يتم ذلك بالزيادة فى وعي الجماهير و التنظيم ثم التنظيم ضمن الأطر التقليدية المعروفة، النقابات و المنظمات الجماهيرية كالطلاب و التلاميذ و الشباب و النساء. لا غنى عن التنظيم لكن تبقى التضحية و نكران الذات و بكلمة واحدة النضال الثوري هو الضمانة الحقيقية و الأخيرة لتحقيق الأهداف.