العدد 65 من مجلة الدرب العربي الصادرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي قطر موريتانيا
خطر اللهجات العامية على العربية الفصحى
تتولد عن بعض اللغات أحيانا نُسخٌ توصف بالمحلية تختلف قليلا أو كثيرا عن اللغة الأم. تلكم هي الحال مثلا بالنسبة للانجليزية الامركية المتفرعة عن الانجليزية الأصلية التى مهدها بريطانيا. كذلك فرنسية كيبك و ما يعرف بالأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، و تسمى فرنسية هذه الأقاليم التى أصبحت هجينة بال”كرييُول”، وهكذا …
الأمر يختلف بالنسبة للعاميات العربية. هذه، و إن كانت تعكس اليوم تشرذم الوطن العربي الناتج عن اتفاقية سايكس-بيكو المشؤومة حيث أصبحت هناك المصرية و التونسية و الخليجية و المغربية و الحسانية و الجزائرية الخ … فإن القرآن الكريم الذى نزل باللغة العربية، قد نزل على لهجات العرب السبع (و إن كان هناك تأويل مختلف لهذا الزعم يحيل إلى معاني مثل التحليل و التحريم و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و الوعد و الوعيد، و المحكم و المتشابه، الخ …)، و قد يكون لنزول القرآن على سبعة أحرف أصل فى تعدد الدارجات العربية. و قد يُعتبر هذا التعدد كذلك دليلا على مرونة اللغة العربية و سعتها.
مهما يكن من أمر فقد قفز الاستعمار على فرصة تعدد اللهجات ليزيد فى تجزئة الوطن و تمرير فكرة أن لكل “دولة” عربية لغتها !!.. لقد بدأ اهتمام الانتروبولوجيين الأوروبيين بهذه العاميات فى العشرين الأولى من القرن التاسع عشر. بدأ المستشرقون يبحثون فى “اللغات” المغربية و الجزائرية و فى الجزيرة العربية، و كانت محطات الظهير البربري الذى رفضه الشعب المغربي فور صدوره سنة ١٩٣٦، و القومية المصرية و دعوات نشر الأدب و الفن باللهجة المصرية مع احمد لطفى السيد، و غيرذلك من محاولة الابتعاد عن اللغة الفصحى فى مصر.
فى الجزائر حارب الفرنسيون اللغة العربية و الإسلام لكن الشعب الجزائري كان عصيا على تلك المحاولة. من ذلك صرخة الشيخ عبد الحميد بن باديس “شعب الجزائر مسلم و للعروبة ينتسب” فى قصيدته الشهيرة و التى ما زال يتردد صداها إلى اليوم. لكن اللهجة الجزائرية بحاجة اليوم إلى تنقيتها من الدخيل الفرنسي الطافح أولا، ثم للمزيد من تقريبها إلى الفصحى. أما فى موريتانيا و تونس فقد كان لَعِب الإستعمار على اللهجات أقل. و مع ذلك فقد تكفلت طبقة من الشعوبيين فى البلدين بالنفخ فى هذه اللهجات كجزء من الحرب على العربية الفصحى. فى موريتانيا مثلا تسعى أوساط معادية للانتماء العربي لهذا البلد إلى جعل الحسانية لغة مستقلة بذاتها. يقولون لغات موريتانيا هي البولارية و السوننكية و الولفية و … الحسانية. أما العربية فهي لغة أجنبية مثل الفرنسية !.. إلى ذلك، و كأنما يكفى تمريغ لغتنا العربية الجميلة فى وَحَل الكراهية و جلد الذات، يَعمدُ الشعوبيون و أترابهم المُستلَبون الفرنكوفونيون إلى استجلاب لغات و لهجات ما جاء بها من سلطان كما يطالبون بكل وقاحة بتضمينها فى الدستور !.. البنبارية، الأمازيغية، و غيرها من الإشارات إلى لغات صنهاجية قديمة. نحن على كل حال نعتز و نفتخر بخلفيتنا الصنهاجية العربية لكن لا وجود لهذه اللغات على أرض الواقع. فقط العربية و كفى.
لمعالجة تدهور هذه اللغة و تضخيم العامية الحسانية على حسابها، ينبغى العمل على محورين، المطالبة الجادة بتطبيق ترسيم اللغة العربية الذى ينتظر منذ أزيد من ستين عاما، ثم القيام بحملة تهدف تفصيح العامية على أساس نظرية اللغوي البارز إسلمو ولد سيدى أحمد التى تتضمن إرجاع كل كلمة أو مصطلح إلى أصله العربي. يُضاف إلى ذلك ضرورة محاربة الكتابة باللهجة الحسانية فى الإعلام و على صفحات التواصل الاجتماعي. مع الإعتراف بصعوبة الأمر لاستفحال الظاهرة و سيطرة الجو الشعوبي على المشهد الذى يتحجج أصحابه بالواقعية و تبسيط اللغة و تقريبها من الشعب. و كأن الشعب قطيع بهائم لا يفهم المعانى السامية و لا يستحق خطابا أنيقا و راقيا. هذا بغض النظر عن كون المكتوب بالحسانية تصعب عكس ذلك، قراءته و فهمه، لعدم وجود قواعد لهذه اللهجة. ألا يدرك هؤلاء هذا المستوى من الاحتقار و الازدراء بالجماهير؟؟.. ألا يدركون كذلك خطورة كتابة الحسانية على لغتنا العربية هذه؟ و أنهم يُسهِّلون مشروع الأعداء فى محاربة اللغة و الهوية؟
نكتفى بهذا القدر لأن موضوع العاميات و الفصحى و اللغات الأجنبية موضوع واسع و متشعب، وقد نتناوله فى معالجة أخرى.
الفرق بين البعث.. و حزب البعث !!(ح7)
كانت ثورة 17-30 تموز فرصة كبيرة لتمكين الحزب من وضع مشروعه موضع التطبيق و بناء نموذج مجسد لهذا المشروع يتجاوز الأخطاء و يستفيد من الدروس السابقة التي مر بها الحزب و الأمة العربية. و مما زاد من فرصة هذه التجربة على التحقق و الاقتراب من مشروع البعث هو بروز القائد المجدد صدام حسين و صياغته لنظرية العمل البعثية و تكامل هذه النظرية الفريدة مع المنطلقات النظرية للبعث مع القائد المؤسس. لهذا، عبر القائد المؤسس عن طموحه و ثقته بهذه التجربة و دور الحزب فيها للاقتراب من البعث. فقد كتب القائد المؤسس ، 1974 ” لم يعد الحزب بعيدا عن الجماهير ؛ بل أصبح قريبا جدا… و نرجو أن يأتي اليوم الذي يزول فيه الفرق بين الجماهير و بين الحزب؛ فتشعر الجماهير أنها هي البعث العربي ، هي الأمة العربية في حالة البعث و النهوض”، بعد أن تكامل الوضوح الفكري و النظري للبعث و رؤيته للمستقبل و بشكل خاص به في طرح المشروع النهضوي العربي الحضاري على مستوى ( البعث)، و ذلك من خلال حوار العمل المستقبلي مع قوى الأمة الحية بأحزابها و تياراتها و قواها المختلفة، كما دعا إليه بمنتهى الصراحة القائد المؤسس. يقول م. عفلق :” بعد أن أثبتنا حقنا في حرية اختيار الطريق إلى الثورة ، و في حرية فهم ماضينا و تراثنا ، لم نعد نعتبر أن ثمة مشكلة تقوم بيننا و بين الذين يلتقون معنا في الأهداف كلها أو بعضها و يختلفون عنا في طريق الوصول إلى تلك الأهداف … إذا كانوا يحترمون حرية اختيارنا و خصوصية طريقنا “. و لهذا، افتتح القائد المؤسس مرحلة جديدة من النضال القومي تجاوز فيها النظرة الحزبية الضيقة إلى مستوى البعث كمشروع لكل الأمة ؛ لأنه كان على يقين بأن الوحدة الحقيقية هي التي تولد من التنوع و من التعدد و من الرأي الحر و من الجواب الجدي… هذه الوحدة الراسخة هي الوحدة الحية التي يكتب لها البقاء … و الثورة العربية ليس أمامها إلا هذا الطريق بعد أن رسخت هويتها و استقلاليتها ؛ و اكتشفت طريقها الخاص بين ثورات العصر. لذلك، لم يعد من خوف عليها أن تنفتح و تتحاور و تغتني بالرأي المخالف و بالإرادات الحرة. هكذا كان القائد المؤسس مدركا بوعي فريد أن القضية القومية أصعب و أكثر تعقيدا من أن يستطيع تيار واحد أو حزب واحد أن يفي بحاجاتها و أن يقوم بحلها أو يستوعبها . إذن، هي تحتاج إلى جهود الجميع و إلى آراء الجميع … و وجهات نظر مختلفة تتكامل و يصحح بعضها بعضا…”
( يتواصل ).
المسؤول الموريتاني .. بين الإخلال بالواجب الوظيفي و الرداءة في العمل.
في شكل اعتراف مهين، كشف وزير الاقتصاد الموريتاني ، عثمان مامودو كان، أن المسؤولين الموريتانيون ، في مجال التنمية الاقتصادية، قد عجزوا، عجزا فاضحا، منذ 1996 و حتى 2013، عن تنفيذ الأشغال المرتبطة بالمشاريع من الشركاء الممولين الدوليين. إن هذا الاعتراف يفضح حجم الكارثة التي يتعرض لها الشعب الموريتاني … فتعتيم الأنظمة المتعاقبة على تعثر المشاريع الاقتصادية و التنموية ، لأكثر من (26) سنة متواصلة ، يعني أن كل هذه الأنظمة قد جمعت، في تميزها، بين مصيبتين : مصيبة الإخلال بالواجب الوظيفي ( السرقة و النهب) و مصيبة الرداءة في الأداء ، تصورا و تنفيذا. الموريتانيون مجمعون اليوم على أن شروط الترقية الوظيفية و الارتقاء لرأس المسؤوليات الكبرى، خاصة المشاريع التنموية و الاقتصادية الدسمة المتعثرة، إنما يتم على أساس الجمع بين هاتين الرذيلتين. فتكون النتيجة، في نهاية كل مشروع اقتصادي، توقف المشروع و سرقة تمويله. و ما لم يذكره الوزير، و لن يذكره، هو كم حجم المشاريع المتعثرة خلال هذه الفترة، و كم كان حجم تمويلاتها، و ما هي أسباب هذه التعثرات ، فهل تعود لقصور في دراسات الجدوائية الاقتصادية، أم تعود لعيوب في تصور آليات التنفيذ، أم لتقصير في حساب الزمن المطلوب… أم أن التعثرات ترجع لعوامل النهب المنظم ، أم لتحويل الأنظمة لتمويلات هذه المشاريع من وجهاتها التنموية الأصلية، التي حظيت بثقة الممولين و الشركاء، إلى وجهات أخرى، أكثر سهولة للنهب. المسألة الثانية التي لم يذكرها وزير الاقتصاد هي كم حجم هذه المشاريع المتعثرة منذ السنة (2020) و حتى الآن ، حتى يعرف المواطن الفرق بين تلك الأنظمة و النظام الراهن، و بهدف إعطاء صورة عن أوجه التشابه و الاختلاف بين أساليب الأنظمة في التسيير و القدرات التصورية لحكوماتها. الطريف ( المضحك / المبكي) ليس جمع المسؤولين الموريتانيين بين الرداءة و قلة الأمانة، فهذا عمت به البلوى، إنما الطريف/ الغريب، و الجديد أيضا، هو أن النظام الحالي لا يكف عن الشكوى و التذمر من رداءة معاونيه ، و لا يكف عن غض الطرف عن نهبهم ذي الطابع الهستيري الاستعجالي… دون أن يقدر على إزاحة فراش من مكانه… و كأنه يشهد الشعب و الشركاء الدوليين، و بخاصة الممولين، على عجزه عن تسيير الدولة و إيقاف هذا التدهور المنفلت لوضعية البلاد. فأي اعتبار و أية ثقة يمكن أن يتوقعهما وزير الاقتصاد عثمان مامودو كان من الممولين و الشركاء حيال نظام حكم يشهد رجل الشارع، في بلده و شركاءه، على عجزه عن معاقبة رئيس مشروع فاشل و إقالة وزير أو أمين عام ثبت بالأدلة في تقارير محكمة الحسابات أنه سارق ! و كأن ثمة قوة خفية قاهرة تفرض عليه أن يظل يترنح بين الأسوأ أهلية و الأعلى رداءة !!
الأمطار ثروة مهدورة.. أيضا!!
كل سنة ، بما فيها فترات الجفاف، تتهاطل مليارات المليمترات من المياه ، في فصل الخريف، على مختلف مناطق بلدنا. و كل سنة، منذ 1960 تاريخ نشأة السلطة المركزية ، تضيع هذه الثروة الهائلة سدى دون أن نستفيد منها مليمترا واحدا ، اللهم ما يحبسه الأهالي ببعض السدود البدائية على حواف الأودية أو سفوح المنحدرات، في غياب تقنيات الري و التحكم المناسب. و كما نهبت ثروات الأرض و سرقت هبات و أموال من قروض البشر ، هدرت بركات السماء ! إنها لعنة النهب و الهدر التي طالت ثروات وطنية طبيعية كثيرة، غنية بنوعها و كمها، و أموالا هائلة اقترضت من الشعوب الأخرى، ضاعت كلها، و ها هي مياه فصل الخريف تتبخر بالحرارة عائدة للسماء أو تذهب، جفاء، من أرضنا، إلى نهر السينغال ، محدثة خصبا و نماء للشعب السينغالي، و مخلفة عندنا، فحسب، كوارث فيضانية تغمر مزارعنا و تهلك مواشينا و تجرف قرى مواطنينا ، على مقتربات بطون الأودية الكبرى، في طريقها إلى من يستحقها، إلى حكومات السينغال و شعب السينغال. إن استغلال المياه المطرية ، التي تنهمل بكميات غزيرة سنويا على بلدنا ، ما عدى بعض سنوات الجفاف، يتطلب عقول رجال دولة و يستلزم روح الوطنية العالية في الحكومات ؛ و هذا ما لم يحظ به شعبنا، منذ ما يسمى بالاستقلال و تأسيس الدولة الوطنية. إن الشعب الموريتاني يعاني الجوع و العطش، بينما تذهب ، هدرا، ثروته من المياه، التي أنعم الله عليه بها، دون أن تحبس ، في سدود حديثة و خزانات استيراتيجية لسقي المواشي و ري المزارع و إنبات مشاتل و محميات المراعي … و تروية المخزونات الجوفية من مياه الشرب للناس..
فهل يعقل أن يموت الموريتانيون من الجوع و يعانون من العطش و يضطرون للهجرة بمواشيهم، بعد شهر واحد من نزول أمطار الخريف، إلى مالي و السينغال، بحثا عن كلإ و ماء ! و هل يعقل أن يتكفف الموريتانيون هبات الأشقاء و فضلات الأصدقاء ، و ” رحمات” منظمات اليهود و النصاري في الغرب ، لقاء الحصول على أغذية انتهت، في الغالب ، صلاحيتها الغذائية، و أحيانا باتت مضرة بالصحة البشرية بسبب طول مكثها في ظروف الحفظ بالمواد الكيمياوية… بينما تمر عليه أمطار هائلة مر السراب بلا أدنى فائدة عليه !
إن الأمر يسير لمن وفقه الله لخدمة شعبه. فالتكنلوجيا المناسبة متوفرة في الأسواق الدولية و الفنيون المتخصصون ، في المياه و الزراعة و التنمية الحيواتية، الوطنيون و الدوليون يلوحون بأيديهم في كل مكان… و الحاجة الماسة، لهذا التوظيف لمياه الأمطار ، قائمة و ملحة… و تجارب الدول في هذا المجال مشجعة ، و في متناول القطاعات الحكومية، كقطاع الزراعة و قطاع المياه و قطاع التنمية الحيوانية. إذن، ما الذي يمنعنا أن نكون مثل تلك الدول ؛ فننشئ سدودا بالمعايير الدولية الحديثة، و نبني خزانات و حاويات استراتيجية لحفظ هذه الثروة العظيمة و النعمة العميمة من الضياع كل سنة ، دون أن نقف ولو مرة للتأمل في أسباب هذه الخسارة المفجعة ، و دون أن نتأمل مصيرنا إذا استمر وضعنا بهذا الحال العبثي. إن اللوم في هذه العبثية و اللامسؤولية يقع على حكام هذا البلد، على حقبهم المتوالية، الذين فشلوا في بناء نموذج لدولة ؛ بل إنه منذ 1978 انتهج الحكام نهج تفكيك البناء الجنيني الذي أسسه ولد داداه لقيام دولة تتقدم و لو ببطء، على حساب القبيلة و عقليات الأحياء البدوية المتناثرة. فتم وأد هذا الحلم الذي راود ولد داداه، و عاد الحكام من العسكريين إلى القبائل و ” مأسسة” هذه القبائل عبر إقحامها في مجال تدخل الدولة. أليس هذا ما نراه اليوم ، بكل فجاجة ، من خلال تشكيل النظام لوفد من وزير عامل و رئيس حزب حاكم و أمين مؤسسة رئاسة الجمهورية و قائد سابق لأركان الجيش الوطني … مبعوثين للإعتذار لقبيلة جرح عرضها هذا الوزير و رئيس الحزب نفسه، الذي يرأس الوفد، إن تأكدت نسبة التصريحات له!
أليس الأحرى أن يطرد النظام هذا الوزير من وظيفته و من رئاسة حزبه، فيضرب بذلك أكثر من آفة ضد الدولة : فيكون من جهة وطد هيبة الدولة بطرده للوزير المسيئ، و من جهة ثانية يكون لقن درسا قويا في المستقبل للمسؤولين الحكوميين الذين يتسامرون بالقدح في أعراض الناس، أفرادا و جماعات، و يكون ثالثا قدم اعتذارا لتلك القبيلة على طريقة الدولة، التي تبلغ رسائلها بلغتها و أسلوبها، عوضا من هذا الأسلوب الضعيف أمام مسؤول يرتكب ما يستوجب معاقبته ، فتجبن الدولة أمامه بل تكافئه على وقاحته و خفة عقله بترأسه لوفد ، مشكل من شتيت قبلي، باسم الدولة و الحزب الحاكم للاعتذار لقبيلة بأسلوب قبلي مقرف يسيء لمفهوم الدولة و يزيد ضعفها و تلاشي هيبتها في أذهان حتى الأطفال … كل هذا التميع ، و نحن كما يقال، في ظل ” دولة” و “، جمعية وطنية” و”جيش وطني” و”أحزاب سياسية”، و ” حكومة وطنية”، و ” نشيد وطني” … و رواتب وطنية، و شغيلة وطنية… أي نظام هذا؟ و أي دولة ؟ و أي وزراء ؟ و أي جيش ؟ و أي أحزاب سياسية… و كيف يستمر الأمر بهذا الحال ؟ بهكذا تسيير ؟ بهكذا تدبير ؟… بهكذا تفكير … بهكذا تدمير ؟!!!
لعنة الموارد الطبيعية … و لعنة التجزئة
يزخر الوطن العربي بأصناف الثروات الطبيعية المكتتشقة و غير المكتشفة، المطمورة تحت الارض بسبب ضعف البحث و التنقيب، أو المكتشفة لكن المهملة قصدا من طرف الأنظمة الحاكمة تماشيا مع التخطيط و الرؤى الإقتصادية لأسيادها الامبرياليين. إذا نظرنا إلى ما عند كل قطر عربي على حدة سنُصدم لهول فقر و تخلف شعب هذه الأقطار و هي تمتلك هذه الخيرات الطافحة !! موريتانيا مثلا تكتنز ثروات هائلة من معادن و ثروات حيوانية و زراعية و سمكية و من الطاقات المتجددة، الشمس و الرياح و الأمواج … الثروة الرئيسية للمغرب تتمثل فى فضيلة العمل، و فى الفلاحة و السياحة و الطاقة؛ و فى مصر مختلف الصناعات و الطاقة و السياحة؛ و فى الخليج الطاقة و النفط؛ و فى القطر السوداني الذى يُنظر إليه أنه يشكل السلة الغذائية للوطن العربي بأكمله؛ و فى القطر الجزائري و ما يزخر به من طاقة و معادن و فلاحة؛ و بقية أقطار الوطن التى لا يخلو أي منها من ثروات مماثلة … نفعُ هذه الثروات الخيالية هو مع ذلك نفع محدود. أو قُل لا يستفيد منه الوطن و لا المواطن العربي، بل أساسا القوى الامبريالية التى ما زالت تسيطر على الاقطار العربية، مستغلة التجزئة القائمة، بل مُعمِّقة لها بتجذير القُطرية و التعامل مع الحكام و كأن الاقطار وحدات مستقلة وبناءٌ نهائي يختلف بعضه عن بعض … هذا إن لم تصبح هذه الكيانات مسرح تنافس الأطماع الخارجية و مضاربات و صراعات اللصوص و المافيات. و هو ما يؤدى فى كل الأحوال إلى إفقار الشعب بتركيز الثروة فى أيدى الحكام الفاسدين و ثلة من المنتفعين الدائرين فى فلكهم. هذا هو ما يقصد به لعنة المواد الأولية. لعنة المواد هذه، و إن كانت بسبب كثرتها، تنضاف إليها لعنة التجزئة التى هي بالمقابل سلبية أصلا، حيث يُعدم التعاون و التنسيق و يمكن الانفراد بكل كيان قُطري على حدة. الوحدة هي عكس ذلك، لكنها تتطلب إزالة الحدود المادية و المعنوية، و تتطلب التنسيق و التشاور بإشراف نظام مركزي وطني ديموقراطي يُعهد إليه بتحقيق التنمية الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية، و بالتحرر من الهيمنة الأجنبية و أمراض المجتمع القديم. كما سيُمكن للدولة الجديدة التنافسُ مع الدول و التجمعات الكبيرة. هذا كله فى إطار النضال الثوري و مواجهة العدوين التاريخيين الصهيوني و الفارسي الصفوي .. الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج و النضال الثوري هما إذن الحل الوحيد لمشكلات العرب الراهنة .. إن الوعي المتنامي فى صفوف شباب اقطارنا العربية هو سر تفاؤلنا. رغم ما تتلبَّدُ به سماؤنا من غيوم و رغم حملات التيئيس و التشكيك التى يقوم بها الأعداء.
ما يهم الفقراء
النوعية الوزن السعر
أرز محلي كغ 320
أرز أجنبي 600
زيت ل 800
سكر كغ 400
حليب (روز) 350
حليب (قلوريا) 150
حليب (سليا) 2500
ألبان وطنية 300
مكرونه أطلس 400
مكرونه مدينة 400
بصل 300
بطاطا 300
طماطم 300
جزر 300
لحم غنم 3000
لحم عجل 2400
لحم إبل 2800
سمك( سق) 2500
سمك( أزول) 2000
سمك كيبارو 1300
دجاج 1200
قمح 280
صابون صغير 100
سقطة رئيس الاتحاد من أجل الجمهورية ليست الأولى من مسؤول “رفيع” ..!!
الصوتية، المسربة عن الوزير و الرئيس الحالي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية – حزب السلطة- ، تفضح إلى أقصى حدود الفضحية مستويات رجال نخبة الأنظمة و خدمها دون قيد و لا شرط. إنها سقطة ، فعلا، ضمن مسلسل السقوط المتوالي لخدام السلطة، و هي أفصح معبر عن الانفصام في شخصية أفراد النخبة المتحلقة حول من يمسكون بدواليب الدولة الموريتانية. هذه “النخب”، في أغلبها، تحمل شهادات دكتوراه و الماجستير في شتى العلوم الانسانية، و شهادات عليا في مختلف ميادين الهندسة. و مع هذه الديبلومات ، فإن كل فرد من هذا ” الكوكتيل البشري ” يحتوي في ذات الوقت شخصين في بنيته الشخصية : شخص يمثل خطاب الحداثة و العلوم العصرية حين يتعلق الأمر بحديثه في التلفزيون و الإذاعة ، أو مداخلاته في ندوة فكرية أو تعليمية … أو في اللقاءات المفتوحة مع الحكام . هنا، نكون – نحن الشعب- متابعين لمسرحية تمثيل رجل الحداثة و الفكر و التنوير و الثقافة و القدرة اللغوية بأكثر من لسان أجنبي … و المطلع ، حد التفاصيل، على ما أبدعه الغرب و ما أوصله الشرق من علوم و مناهج و سير و عبر… في تاريخ الأبيض و الأحمر و الأصفر و الأسمر… يصول فيها و يجول هذا الدكتور / المهندس، لا يقبل لأحد بالسبق و لا بارتفاع كعب على كعبه في تلك الحذلقات و الفذلكات… و في أقل من لمح بالبصر، يطوي هذا ” الحداثي” و “العلماني الرباني” صفحة الحداثة و خطابها و يبسط صفحة العشيرة و تخلفها و القبيلة و انكفائها و الشريحة و انغلاقها و الإثنية و عدميتها … حين يكون بين أفراد بني عمومته و بني لونه و بني لهجته… حينها يتكلم بأردإ أسلوب و أحط أخلاق و أسفه عقل… فينعت من لا ينتمي لمجموعته، التي تؤويه ، بشتى النعوت و الأوصاف القدحية؛ فحتكر لنفسه و أهل حيه جميل المعاني و يخص غيرعشيرته بقبيح السجايا و سيئ الفعال…
إنها النخبة التي تقود قطرنا منذ انفصاله إداريا عن المستعمر الفرنسي؛ و هي النخبة التي تشربت حبها قلوب الحكام الفاسدين؛ فكأن هؤلاء خلقوا لدلال تلك، و كأن تلك خلقت لخمة أولئك ! إن الحكام الفاسدين لا يسعون إلا لاستمالة مثل هؤلاء الانفصاميين ؛ فيعلون من شأنهم و يمكنون لهم من رقاب و مصائر المواطنين .إن ” الانزلاق” الأخلاقي و الاجتماعي لرئيس الاتحاد من أجل الجمهورية ليس الأول على لسان دكتور أو مهندس في أعلى منصب سياسي و حكومي. فقد سبقه إلى القدح بالتعميم في أعراض مكونات اجتماعية ” عكاكيش” ” سامون “، كثيرون، و لم ينلهم من سقطاتهم سوء، و إنما ازدادوا رقيا و منعة. فرئيس الاتحاد من أجل الجمهورية وقع على أشكاله من الطير من قبله و خطا على خطى الحمر ، في أكناف القصر الرئاسي، التى حملت أسفارها في مسارح المشاهد العامة، ثم طوتها و نحتها جانبا في أحاديث سمرها مع أصفيائها القبليين و الشرائحيين… ، غير مكترثة بما ألحقته، و ستلحقه، من جروح بالتعميم القدحي بأعراض كيانات اجتماعية وافرة مليئة بالأتقياء و الأوفياء و الصالحين و الكرماء … و الزاهدين في الدنيا و أهلها… فأي مجتمع لا يخلو من أصحاب كرم و أصحاب شح، و أصحاب نخوة و أصحاب ذل… !!
إن سقطة رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، و قبلها سقطات و ساقطون، ليست الأهم، و إنما الأخطر هو أن هذا السقوط أصبح نهج عمل و أسلوب حياة لمن يتصدر الشأن السياسي في أحزاب السلطة … و من يسعى للترقي في المناصب الوظيفية الحكومية في ظل هذه الأنظمة غريبة الأطوار ، و فاقدة البوصلة لأي أمر سديد. و الدليل على هذا الكلام هو هل رأيتم، منذ عقود، مسؤولا حكوميا أو وجيها سياسيا في أحزاب السلطة عوقب على تصرف قيبح أو تصريح مشين ؟ و الدليل الثاني أنه ما من مسؤول سما و ترقي أو قرب ، باستثناءات قليلة، من هذه الأنظمة منذ عقود، إلا كان محل إجماع العارفين به ،عن قرب ، بأنه عالي الكعب في الكذب أو الاحتيال أو الغش أو النفاق أو الانتهازية أو الاستهتار بما شين في الذوق العام… أو بالعدمية… و هؤلاء نالوا الحظوة و سمو الشأن بهذه الرداءة في التصرفات و الشينات في الأقوال، غير أن الله قيض للشعب هذه الوسائط الرقمية البرقية تنقل له عوارتهم في سهواتهم و ملاهيهم و أسمارهم على ما لذ و طاب من أكلات و كاسات شرب نالوها بأموال عامة مسروقة و ثروات وطن منهوبة…
محور نواكشوط النعمة في موسم الأمطار بين الألم ولأمل
منذ أنشأت الدولة الموريتانية الطريق الذي يربط عاصمة أقصى ولاياتها(مدينة النعمة)بعاصمة الدولة (مدينة نواكشوط)، أطلق المواطنون على هذا الطريق (طريق الأمل) وذلك لارتياحهم بما فكه من عزلة عن مناطق تعتبر من اكثر مناطق البلاد كثافة سكانية واوفرها على منتجات القطاع الاقتصادي التقليدي (الرعي والزراعة) الذي يشكل حجر الأساس في الاقتصاد الوطني نتيجة ما يضمنه من قوت النشطين فيه وما يوفره لهم من فرص العمل، فضلا عما يزود به السوق المحلية من حاجيات القوى الشرائية الوطنية التي تمارس نشاطات أخرى.
وبالفعل كان لهذه التسمية مستوى كبيرا من الصدق في التعبير عن حاجة البلاد إلى هذا الطريق الذي حقق أمل الكثير من المواطنين إن لم يكن حقق أمل كلهم لدرجة أنهم توارثوا تسميته (طريق الأمل)، بيد أن هذا الطريق بدأ منذ بضع سنين ينتقل من تحقيق أمل المواطنين إلى تجسيد المهم بوتيرة متزايدة وأضرار تتفاقم أحجامها مع تقدم الوقت.
لقد أوشكت الحركة على أن تشل قرب قرية كيفه الواقعة بين مدينة كرو ومدينة كامور جراء هبوط جسر حديث الترميم بشاحنة كانت تعبره لأن السائق لم ينبه لوجود أشغال طرقية بسبب عدم وجود إشارات الإنذار وهي حالة مسجلة في جميع الأماكن التي تعمل فيها الشركات (الوطنية ).
ومنذ تهاطلت الأمطار ابتداء من مساء ليلة الأحد الموافق 18 يونيو الجاري تحول الطريق وسط مدينة مقطع لحجار إلى مستنقع مائي لا تستطيع عبوره إلا سيارات خاصة من طراز تويوتا Hilix أو بصات مرسدس 207 … وهي سيارات لم تعد مهيئة لحمل الركاب العامين، ونفس الوضعية موجودة في مدينة شكار وستقع في مدينتي ألاك وكيفه عندما تتهاطل عليهما أمطار أكثر نسبا من التي تساقطت بعد.
وفي الشريط الرابط بين قرية عرفات ومدينة بوتلميت تسبب جرف آليات الشركات التي تعمل على إصلاح الطريق في نقلها إلى حفر ممتلئة بالمياه لا يمكن عبورها في وقت لا يمكن تفاديها بسبب إحاطها بالكثبان والألسنة الرملية التي يصعب على غير رباعيات الدفع اجتيازها.
إن حالة كهذه عندما تحدث في وقت مبكر من تهاطل الأمطار في عام يتوقع الفلكيون وأهل الأرصاد الجوية أن يكون مطيرا فلابد أن تتحرك الدولة على جناح السرعة باتخاذ إجراءات وقائية تفاديا لوقوع أضرار جسيمة لا قدر الله أو سيقع ما لا يحمد خاصة عندما يبدأ التسابق من العاصمة نواكشوط نحو البوادي الذي بدأ موسمه.
ولابد أن تراعي هذه الإجراءات عدة أمور منها الجانب الأمني لأن الركاب قد يبيتون الليالي في مناطق خالية من السكان وهم يحملون امتعتهم وبعض ممتلكاتهم ومنها الجانب الصحي فقد تحدث أمراض بسبب الإرهاق وتعاقب حرارة أشعة الشمس وبرودة المطر أثناء سقوطه.
أما الإجراء الأهم فهو العمل على إصلاح الطريق بسرعة فائقة وتشكيل فرق إنقاذ تتحرك على طول الطريق لإنقاذ ضحايا الحوادث خاصة أن الشركات التي تعمل على إصلاح الطريق لا تضع أي إشارة تنبيه عند الأماكن التي بها أشغال أو تلك الفاصلة بين أشغال منتهية وأخرى مدشنة وهذا الإهمال راح ضحيته الكثير من المواطنين وسياراتهم.
ومن الإجراءات التي يجب أخذها بعين الاعتبار اعتماد مبلغ تذاكر الركاب فقد تفقر عائلات في رحلة واحدة بين نواكشوط والنعمة أو الاك او كيفه بسبب غلاء التذاكر التي يحددها ملاك السيارات كيفما شاءوا وعلى من شاءوا، ومالم تتخذ الدولة هذه الإجراءات فإننا سنعاني لا قدر الله ألما كبيرا في وقت كنا نتحين الأمل.